الخميس - 13 فيراير 2025

باقر الصدر سلاما سلاما: محكمة الله في الدنيا وسقوط القتلة..!

منذ أسبوع واحد
الخميس - 13 فيراير 2025

ضياء ابو معارج الدراجي ||

وأخيرًا، وبعد أكثر من أربعة عقود، سقط القتلة في قبضة العدالة. ليس لأن الضمير استيقظ، ولا لأن العراق تذكر جراحه المنسية، بل لأن دماء الشهداء لا تهدأ، تطارد قاتليها ولو بعد حين. النظام البعثي الذي اغتال السيد محمد باقر الصدر وأخته بنت الهدى ظن أنه دفن الصوت الذي أرعبه، لكنه لم يدفن سوى نفسه في مستنقع اللعنات الأبدية.

منذ اللحظة التي نطق فيها الصدر الأول بكلمة الحق، كان قرار إعدامه مكتوبًا، ليس بالحبر، بل بدماء الطغاة الذين لم يتحملوا وجود عقل بحجم التاريخ، يفضح عمالتهم، ويفكك أوهامهم. حاولوا احتواءه، ثم تهديده، ثم أخيرًا، قتله. لكنهم لم يدركوا أنهم قتلوا رجلًا صار فكرة، وأحرقوا جسدًا ظلّ نورًا لا ينطفئ. بجانبه، وقفت بنت الهدى، المرأة التي لم تكن مجرد أخت شهيد، بل كانت ثورة قائمة بذاتها. لم يكن صدام يخشى الرجال فقط، بل حتى النساء اللواتي رفضن الانحناء، فقرر تصفيتها بوحشية، معتقدًا أن القتل يمحو الأثر. لكن ها هي صورتها تعيش في ذاكرة العراق، وصورته تتآكل في مزبلة التاريخ.

أما القتلة، فكانوا مجرد أدوات قذرة، أناس بلا قيمة سوى تنفيذ الأوامر التي تليق بأمثالهم. واليوم، حين وقعوا في قبضة العدالة، لا يبدو أن أحدًا يكترث لأسمائهم، لأنهم لم يكونوا يومًا سوى ظلال للمجرم الأكبر، مجرد بيادق حركها الطاغية كيفما شاء، ثم ألقى بهم في سلة النفايات كما يفعل بكل أدواته حين تنتهي صلاحيتها. هل ستعيد محاكمتهم الزمن للوراء؟

لا. لكن التاريخ لا ينسى، والعار لا يسقط بالتقادم.

الدعوة الذي خرج من رحم الصدر الأول، حمل راية مقاومة البعث، وكان صوت المظلومين حين كان الثمن الأرواح والمشانق. لكن بعد 2003، سقطت الراية من أيدي بعض الرجال، ووقعت في وحل السياسة الرخيصة. لم يعد الصدر الأول مرجعهم، بل صاروا تلاميذ للصفقات والتوافقات والفساد الذي لعنوا غيرهم بسببه. بعض من حملوا راية الدعوة كانوا مشروع شهادة، وبعضهم الآخر صاروا مشروع فشل، تتعثر في أول اختبار للمبادئ.

اليوم، حين سقط قتلة الصدر الأول، سقطون وحدهم، بلا عزاء، بلا تأريخ، بلا قيمة. أما الصدر، فلا يزال يقف شامخًا، يعلو على الجميع، يراقب المشهد من عليائه، ساخرًا من قاتليه، وممتعضًا ممن ادّعوا أنهم يسيرون على نهجه ثم ساروا في طريق أعدائه.

ضياء ابو معارج الدراجي