فشل عملية “حارس الازدهار”: لماذا لم تستطع أمريكا إيقاف الحوثيين؟!
د. محسن العكيلي ||
مقدمة
بعد أكثر من عام على إطلاق الولايات المتحدة عملية “حارس الازدهار” في البحر الأحمر، تتزايد المؤشرات على فشل هذه المبادرة العسكرية في تحقيق أهدافها. فعلى الرغم من التحالف الذي ضم عدة دول، إلا أن العمليات البحرية لم تنجح في وقف هجمات الحوثيين أو الحد من تهريب الأسلحة والتكنولوجيا إليهم. بل على العكس، يبدو أن الحوثيين قد تمكنوا من تعزيز قدراتهم الهجومية، مما أدى إلى إعادة تقييم أمريكي للعملية، حتى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يفكر في إنهائها نهائيًا.
1. لماذا أطلقت أمريكا عملية “حارس الازدهار”؟
في ديسمبر 2023، أعلنت الولايات المتحدة عن تشكيل تحالف بحري تحت اسم “حارس الازدهار”، هدفه المعلن حماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر من الهجمات التي استهدفت السفن المرتبطة بإسرائيل. وجاء هذا التحرك بعد تصاعد عمليات الحوثيين التي عطلت خطوط الشحن الدولية، مما دفع واشنطن إلى محاولة تشكيل تحالف دولي لمواجهة هذه التهديدات.
2. إخفاق التحالف الدولي في فرض السيطرة
بالرغم من الحملة الدبلوماسية المكثفة التي قادتها واشنطن لحشد الدعم، فإن التحالف لم يكن بالقوة التي كانت تأملها الإدارة الأمريكية. إذ لم تنضم أي دولة مطلة على البحر الأحمر باستثناء البحرين، كما اقتصرت مشاركة بعض الدول على إرسال مستشارين دون قوات بحرية فعلية. وكانت هناك دول مثل فرنسا لم تشارك رسميًا، ما قلل من فاعلية العملية.
3. استمرار الحوثيين في الهجمات رغم الحصار
على الرغم من الضربات التي شنتها القوات الأمريكية ضد أهداف حوثية، إلا أن قدرات أنصار الله لم تتأثر بشكل جوهري، بل تمكنوا من تنفيذ عمليات نوعية ضد أهداف بحرية أمريكية وإسرائيلية. ففي نوفمبر 2024، نفذ الحوثيون هجومًا على المدمرتين الأمريكيتين “يو إس إس سبروانس” و”يو إس إس ستوكدايل” أثناء عبورهما مضيق باب المندب، ما وضع الولايات المتحدة في موقف دفاعي بدلاً من الهجومي.
4. الفشل في منع تدفق الأسلحة والتكنولوجيا
إحدى الأهداف الرئيسية لعملية “حارس الازدهار” كانت منع وصول الأسلحة والتكنولوجيا المتقدمة إلى الحوثيين، خاصة من إيران. ومع ذلك، لم تتمكن القوات الأمريكية من إيقاف شحنات الأسلحة بشكل كامل، إذ استمر الحوثيون في الحصول على صواريخ وطائرات مسيرة متطورة استخدموها في ضرب أهداف بحرية وحتى داخل العمق الإسرائيلي.
5. ترامب يفكر في التخلي عن العملية
مع تصاعد الفشل العملياتي وزيادة الضغط السياسي داخل الولايات المتحدة، بدأت الإدارة الأمريكية في إعادة تقييم العملية. وأفادت تقارير أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يفكر جديًا في التخلي عن “حارس الازدهار”، معتبرًا أنها عملية مكلفة لم تحقق النتائج المرجوة، خاصة مع عدم قدرة التحالف على وقف الهجمات الحوثية.
6. ماذا بعد؟
مع تراجع فعالية “حارس الازدهار”، يبدو أن الولايات المتحدة ستضطر إلى مراجعة استراتيجيتها في البحر الأحمر. فهل ستعتمد على تصعيد عسكري أكبر، أم أنها ستتجه إلى حلول دبلوماسية مع الحوثيين لتخفيف التوتر في المنطقة؟ في كل الأحوال، يظهر أن واشنطن لم تنجح حتى الآن في تحقيق سيطرتها على هذا الممر البحري الحيوي، ما يعزز من موقف الحوثيين كقوة إقليمية قادرة على تحدي النفوذ الأمريكي في المنطقة.
خاتمة
إن فشل “حارس الازدهار” في تحقيق أهدافه يبرز تحديًا كبيرًا للولايات المتحدة في المنطقة، ويشير إلى قدرة الحوثيين على التأقلم مع الضغوط العسكرية والاقتصادية. ومع استمرار التوترات، سيظل البحر الأحمر ساحة مواجهة بين القوى الإقليمية والدولية، حيث لم تحقق واشنطن بعد التفوق الذي كانت تطمح إليه.