صراع القرارات بين المحكمة الاتحادية العليا ومجلس القضاء الاعلى..!
د. باسل الموسوي ||
اثير اللغط كثيرا حول موقف مجلس القضاء الاعلى مؤخرا بخصوص الامر الولائي الذي اصدرته المحكمة الاتحادية العليا بخصوص ايقاف تنفيذ قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام وقانون تعديل قانون الاحوال الشخصية اضافة لقانون اخر شرع بمعيتهما ، وهناك التي يمكن اثارتها في هذا الجانب :-
١- نصت المادة ٤٧ من دستور جمهورية العراق النافذ لعام ٢٠٠٥ على ان “تتكون السلطات الاتحادية، من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية …”
٢- نصت المادة ٨٩ من الدستور آنف الذكر على ان “تتكون السلطة القضائية الاتحادية، من مجلس القضاء الاعلى، والمحكمة الاتحادية العليا … ”
٣- نصت المادة ٩٤ من الدستور اعلاه على ان “قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة” وبذلك فإن قرارات المحكمة آنفة الذكر تعد باتة وملزمة للسلطات كافة بما فيها السلطة القضائية التي يعد مجلس القضاء الاعلى جزءا منها .
٤- ان الاستدلال بجزء من نص المادة ١٢٩ من الدستور هو امر محل نظر ، فلو عدنا للمادة آنفة الذكر لوجدناها تنص على ان “تنشر القوانين في الجريدة الرسمية، ويعمل بها من تاريخ نشرها، ما لم ينص على خلاف ذلك” ، اما المادة ٨ من قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام رقم ٢٧ لسنة ٢٠١٦ فتنص على ان “ينشر هذا القانون بالجريدة الرسمية وينفذ من تاريخ التصويت عليه في ٢١/١/٢٠٢٥ ” وبذلك يكون المشرع قد حدد تاريخ نفاذ القانون قبل نشره في الجريدة الرسمية استدلالا بالشق الاخير من نص المادة ١٢٩ آنفة الذكر ومن غير المقبول اهمال هذا الشق .
٥- اشار البند اولا من محضر الجلسة الرابعة لمجلس القضاء الاعلى لعام ٢٠٢٥ الى ان (مجرد التصويت على القانون لا يجعل منه محلا للتنفيذ وبالتالي يقتضي التريث في اي قرار سلبي او ايجابي بخصوص التنفيذ) وهذا ما يناقض تماما نص اعمام المجلس بتاريخ ٣٠/١/٢٠٢٥ الذي وجه فيه المحاكم بالعمل بالقانون آنف الذكر قبل نشره في الجريدة الرسمية .
٦- تضمن البند ثانيا من المحضر اعلاه ان قرارات المحكمة الاتحادية العليا الولائية بإيقاف تنفيذ القوانين قابلة للتظلم والطعن بها تمييزا وبذلك يكون المجلس قد جعل ولاية لمحكمة التمييز على قرارات المحكمة الاتحادية العليا وهو ما يخالف صريح نص المادة ٩٤ من الدستور .
مما تقدم يتبين ان موقف مجلس القضاء الاعلى الاخير فاقد لسنده القانوني فقرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة بما فيها مجلس القضاء الاعلى بعدّه جزءا من السلطة القضائية عملا بأحكام المادة ٩٤ الدستورية واستدلالا بالمادة ٨٩ ، بل وقد اوقع المجلس نفسه في تناقض بين قراراته واعماماته .