الثلاثاء - 25 مارس 2025
منذ 3 أسابيع
الثلاثاء - 25 مارس 2025

ريما فارس ـ لبنان ||

صلة الرحم ليست مجرد فضيلة اجتماعية، بل هي أمر إلهي يحمل في طياته بركات الدنيا وثواب الآخرة. ولها في شهر رمضان خصوصية مضاعفة، إذ تتجلى معاني الرحمة والمغفرة، وتصفو القلوب استعدادًا لنيل رضا الله. ففي رمضان، حيث تتضاعف الحسنات، تصبح صلة الرحم وسيلة لكسب أجر عظيم، لا سيما وأن القطيعة قد تكون عائقًا أمام قبول الأعمال، فقد ورد في الحديث: “إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة، فلا يُقبل عمل قاطع رحم”.

إن وصل الرحم ينعكس على حياة الإنسان بركةً في الرزق والعمر، كما جاء في الحديث النبوي: “من أحب أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه” فالتواصل مع الأرحام ليس فقط وسيلة لجلب الرزق، بل هو سبب مباشر لتحقيق السكينة الأسرية، إذ تزيل صلة الرحم مشاعر الحقد والضغينة، وتمنح الإنسان راحة نفسية وسلامًا داخليًا. كما أنها تعزز التكافل الاجتماعي، حيث يعين الغني الفقير، ويزور القوي الضعيف، مما يرسخ قيم التضامن والمودة في المجتمع.

إن قطيعة الرحم من الكبائر التي توعد الله صاحبها باللعن والطرد من رحمته، كما قال في كتابه العزيز: “فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ۝ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ”.

فهذه العقوبة ليست مقتصرة على الآخرة، بل يعجل الله بها في الدنيا أيضًا، حيث يجد القاطع نفسه محروماً من البركة، ضيق الصدر، يعاني من الوحدة والكآبة، ويبتلى بمشاكل تعكر صفو حياته. كما أن تفكك العلاقات الأسرية يؤدي إلى تفكك المجتمع بأكمله، وينتج عنه الكثير من المشكلات الأخلاقية والاجتماعية.

إن الإنسان في رمضان يسعى للتقرب إلى الله، وصلة الرحم من أعظم العبادات التي تقربه منه. فمن أراد أن يفوز برضوان الله، ويبارك له في عمره ورزقه، فليمد جسور الود مع أهله، وليكن رمضان فرصة لبدء صفحة جديدة قائمة على التسامح والمودة.