أبي طالب: حامي حمى الرسول ودرع الرسالة المحمدية..!
د. عامر الطائي ||
لم تكن شخصية أبي طالب بن عبد المطلب شخصيةً عابرةً في تاريخ الإسلام، بل كانت ركناً متيناً من أركان الرسالة المحمدية، وسنداً قوياً للرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم في أشد الظروف وأحلكها.
كان أبا طالب العم الذي لم يكتفِ بحب ابن أخيه ورعايته فحسب، بل وقف درعاً يحميه من كيد قريش وعداوتها، فلم تأخذه في ذلك لومة لائم، رغم كل الضغوط التي تعرّض لها من سادات قريش الذين حاولوا ثنيه عن موقفه الثابت في نصرة النبي والدفاع عنه.
نشأ النبي الأكرم في كنف أبي طالب بعد وفاة جده عبد المطلب، فكان له أباً رؤوفاً، وحامياً أميناً، وربيباً في بيته جنباً إلى جنب مع بنيه، وعلى رأسهم علي بن أبي طالب عليه السلام، الذي نشأ في كنف الرسول وتأثر بتربيته الربانية.
لم يكن موقف أبي طالب من النبي مجرّد موقف عائلي، بل كان إيماناً راسخاً برسالة السماء، وإن لم يُظهر ذلك على الملأ خوفاً من قريش، لكنه ترجم إيمانه بالأفعال، فكان الحامي والناصر والمدافع بكل ما أوتي من قوة.
لم تقتصر حماية أبي طالب على الكلام، بل تجلّت في مواقف بطولية، حينما أحاط النبي بالمؤمنين في شعب أبي طالب ثلاث سنوات من الحصار الظالم الذي فرضته قريش، فكان السد المنيع الذي حال دون وصول الأذى إلى رسول الله، رغم قسوة الظروف وشدة الجوع والعطش.
كما أنه كان يتصدى لمكائد المشركين، ويحمي النبي من محاولات اغتياله، حتى جعل من أبنائه دروعاً له، وأوصى ابنه علياً بملازمته في دربه.
لقد رحل أبو طالب عن الدنيا، لكن أثره في الإسلام خالد لا يُمحى، فقد ترك بصمة عظيمة في تاريخ الرسالة المحمدية، وكان رحيله خسارة فادحة للنبي، حتى أن عام وفاته سُمّي بـ”عام الحزن”، لفقده السند الحامي والداعم المخلص.
إن الحديث عن أبي طالب ليس مجرد استذكار لشخصية تاريخية، بل هو قراءة في صفحات العظمة والتضحية التي أثّرت في مسار الإسلام، فكان مثالاً نادراً على الوفاء والإيمان الصادق، وإن لم تعترف به الألسنة، فقد شهدت به المواقف، وحفظه التاريخ بحروف من نور