الدولة الشيعية بين الواقع والطموح..!
احمد المياحي ||
بغداد
كثر الحديث عن إمكانية تشكيل دولة شيعية في وسط وجنوب العراق في الأيام الأخيرة وصدر عن بعض النواب والسياسيين تصريحات مثيرة حول إقامة الدولة الشيعية سناخذ هذا الموضوع بشيء من التحليل والموضوعية ..
بداء هو موضوع حساس ومعقد جدا ويعتمد على العديد من العوامل السياسية والإقليمية والدولية.
في الوقت الحالي، لا يبدو أن هناك (إجماعًا سياسيًا أو أمنيًا) على فكرة تقسيم العراق إلى كيانات طائفية أو عرقية. ولكن، لنأخذ الموضوع من جوانب مختلفة لتوضيح الصورة بشكل أفضل:
1.الواقع السياسي في العراق:
أ- العراق هو دولة ذات تنوع طائفي وعرقي حيث يضم شعبًا متنوعًا بين الشيعة والسنة والأكراد بالإضافة إلى الطوائف المسيحية والتركمان والمكونات الأخرى
ب- في الجنوب حيث الأغلبية الشيعية هناك حركات سياسية ذات نفوذ كبير تتزعمه أحزاب شيعية مثل التيار الصدري ( يتبنى مبدأ العروبية) دولة القانون والفتح أكبر الكيانات الشيعية التي كانت معارضة للنظام البعثي البائد ومع ذلك، فإن دعوات لتشكيل *دولة شيعية مستقلة* في هذه المناطق ليست في الخطاب السياسي السائد داخل العراق.
ج – هناك أيضًا (عوامل أمنية وسياسية)
تتعلق بوجود فصائل المقاومة الشيعية وهذه المجموعات تلعب دورًا بارزًا في السياسة العراقية، لكن ذلك لا يعني بالضرورة السعي لتأسيس دولة شيعية مستقلة في الجنوب.
2. رفض هذا التوجه من قبل الأطراف المختلفة:
أ- الحكومة العراقية المركزية التي تضم تنوعًا طائفيًا قد ترفض بشدة أي محاولة لتقسيم البلاد إلى كيانات طائفية.
ب-الأكراد في شمال العراق لديهم طموحات خاصة مثل الاستقلال أو على الأقل الاستقلال الذاتي وقد يكونون أكثر اهتمامًا بحماية (حقوقهم القومية) من تقسيم العراق إلى دول طائفية.
ج- السنة العرب في غرب وشمال العراق يشكلون أقلية كبيرة، ولن يكون من السهل عليهم قبول أي تشكيل لدولة طائفية شيعية في الجنوب، حيث يتخوفون من العواقب السياسية والأمنية لذلك وقد يذهبون للاتحاد مع سوريا الجولاني حيث الأرضية الخصبة والتناغم الطائفي المتطرف ما يشكل خطرا على الدولة الشيعية المنتظرة.
د- على الصعيد الإقليمي الدول العربية قد ترفض إنشاء دولة شيعية في العراق خاصة أن ذلك قد يكون له تأثير كبير على الميزان الطائفي في المنطقة كونها ستكون مدعومة من ايران بشكل حتمي.
3. التأثير الإيراني:
أ- إيران تلعب دورًا كبيرًا في السياسة العراقية خاصة في المناطق التي يهيمن عليها الشيعة في الجنوب. إيران قد تكون مرتاحًة إلى وجود نفوذ شيعي قوي في العراق لكنها قد تفضل استقرار العراق بوصفه جزءًا من الدولة العراقية الموحدة بدلاً من فكرة تفكيك الدولة إلى كيانات طائفية أو عرقية شرط ان تكون الحكومة المركزية تسيطر على زمام الامور وتمتلك قرارها السياسي والاقتصادي والامني .
ه- الحكومة الإيرانية قد تعتبر أن تقسيم العراق إلى دول طائفية قد يؤدي إلى اضطرابات إقليمية جديدة قد تضر بمصالحها في العراق والمنطقة.
4. العواقب المحتملة للتقسيم:
أ- التقسيم الطائفي قد يؤدي إلى مزید من العنف والصراع داخل العراق.
إذا تم تبني هذا التوجه، فإن المناطق السنية أو الكردية قد تسعى للاستقلال أو على الأقل لتوسيع حكمهم الذاتي مما قد يؤدي إلى تفكك العراق و زيادة التوترات الإقليمية.
و- في حال حدوث تقسيم طائفي، قد يكون من الصعب جدًا الحفاظ على الاستقرار السياسي أو الاقتصادي في الجنوب الشيعي خاصة في ظل التنافس الإقليمي والدولي على موارد النفط والهيمنة السياسية.
5. الخيارات المستقبلية:
أ- الاستقلال الذاتي: بدلاً من الدعوات إلى إنشاء دولة شيعية، قد يكون من الأكثر واقعية أن تسعى الجنوب الشيعي إلى مزيد من الاستقلالية أو الحكم الذاتي ضمن إطار العراق الموحد، مثلما يتمتع به إقليم كردستان.
وهذا يفتح الباب على نزاعات حزبية ضيقة كما يحدث الان بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني
ب- تعزيز الفيدرالية: هناك نقاشات حول الفيدرالية داخل العراق، التي يمكن أن تكون طريقة لتحقيق الاستقلال الذاتي للجنوب الشيعي الغني دون التسبب في تقسيم شامل للبلاد.
ما اريد ان أقوله هو لا توجد إرادة قوية وحقيقي بين القوى السياسية الشيعية في العراق لتشكيل دولة شيعية مستقلة في جنوب ووسط العراق إنما هي أداة ضغط معاكس لتصريحات القادة السنة بأن الشيعة غير مؤهلين للحكم وأن التلويح بهذه الدولة قد يجبر القادة السنة بأعاده إنتاج خطاب وطني هادئ خالي من الدس الطائفي.
ان معظم الأحزاب السياسية الشيعية في العراق تفضل (التأثير السياسي) والاقتصادي داخل الدولة العراقية الموحدة بدلاً من الانفصال.
بالإضافة إلى ذلك، فإن رفض الأطراف الأخرى في العراق مثل السنة و الأكراد وأيضًا التأثيرات الإقليمية والدولية تجعل فكرة إقامة دولة شيعية مستقلة أمرًا غير مرجح في المستقبل القريب.
ومع ذلك، فإن من الممكن أن يسعى الجنوب الشيعي إلى الحكم الذاتي أو زيادة الاستقلالية السياسية خاصة في إطار نظام فدرالي يعزز من تنوع البلاد ويسمح لكل مكون بالتمتع بحقوقه الثقافية والسياسية دون تقسيم البلد إلى دول طائفية.
بالمجمل اعتقد جازما ان وقف عمليات الفساد وتوزيع الثروات المنتجة في الجنوب الشيعي وحسب النسب السكانية واستنادا للمادة ١١٢ من الدستور بشكل عادل وحل أزمة السكن والصحة والتعليم وتفعيل القطاع الخاص والقضاء على البطالة والمخدرات افضل الف مرة من دولة شيعية تتقاتل الأحزاب السياسية فيما بينها على السلطة والنفوذ..