الثلاثاء - 25 مارس 2025

الفقرة السابعة..اللّهُمَّ إِنَّ عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبِي..!

الثلاثاء - 25 مارس 2025

✍📜 الشيخ الدكتور عبد الرضا البهادلي ||
١٠/ ٣/ ٢٠٢٥

شرح دعاء الافتتاح…
الفقرة السابعة …..
اللّهُمَّ إِنَّ عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبِي، وَتَجاوُزَكَ عَنْ خَطِيئَتِي، وَصَفْحَكَ عَنْ ظُلْمِي، وَستْرَكَ عَلَى قَبِيحِ عَمَلِي، وَحِلْمَكَ عَنْ كَثِيرِ جُرْمِي عِنْدَما كانَ مِنْ خَطَأي وَعَمْدِي، أَطْمَعَنِي فِي أَنْ أَسْأَلَكَ ما لا اسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ الَّذِي رَزَقْتَنِي مِنْ رَحْمَتِكَ، وَأَرَيْتَنِي مِنْ قَدْرَتِكَ، وَعَرَّفْتَنِي مِنْ إِجابَتِكَ، فَصِرْتُ أَدْعُوكَ آمِناً، وَأَسْأَلُكَ مُسْتَأْنِساً، لاخائِفاً وَلا وَجِلاً، مُدِلاً عَلَيْكَ فِيما قَصَدْتُ فِيهِ إِلَيْكَ، فَإنْ أَبْطاء عَنِّي عَتِبْتُ بِجَهْلِي عَلَيْكَ، وَلَعَلَّ الَّذِي أَبْطَاءَ عَنِّي هُوَ خَيْرٌ لِي لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الاُمُورِ، فَلَمْ أَرَ مَوْلىً كَرِيماً أَصْبَرَ عَلى عبْدٍ لَئِيمٍ مِنْكَ عَلَيَّ يارَبِّ،

📍١. “اللّهُمَّ إِنَّ عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبِي، وَتَجاوُزَكَ عَنْ خَطِيئَتِي، وَصَفْحَكَ عَنْ ظُلْمِي، وَستْرَكَ عَلَى قَبِيحِ عَمَلِي، وَحِلْمَكَ عَنْ كَثِيرِ جُرْمِي”.

العبد يعترف بأن الله عفا عن ذنوبه وتجاوز عن أخطائه وستر عيوبه، وهذا ما جعله يطمع في طلب المزيد من رحمته. فالله تعالى رحمته واسعة ، وبابه مفتوح لمن يرجع اليه كما هو يقول : “قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ”. وكذلك يقول تعالى ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ).

📍٢. “أَطْمَعَنِي فِي أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَا اسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ”
العبد يعترف بأنه لا يستحق كل ما يطلبه،

لكن رحمة الله وكرمه جعلا العبد يطمع في أن يطلب من الله أشياء لا يستحقها بعمله، لكنه يسألها لأنه يعلم أن الله يعطي بفضله، وليس فقط باستحقاق العباد.
تخيل طفلا أخطأ لكنه يعود لوالده طالبا هدية كبيرة، رغم أنه لم يفعل شيئًا ليستحقها، لكنه يعرف أن والده رحيم وكريم، وسيعطيه لأنه يحبه، لا لأنه استحق ذلك. فالله : “وَيَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ” فعطاء الله ليس مشروطا بعمل الإنسان …..

📍٢. “فَصِرْتُ أَدْعُوكَ آمِناً، وَأَسْأَلُكَ مُسْتَأْنِساً، لا خائِفاً وَلا وَجِلاً”.

يعني ان العبد عندما يدعو الله، فإنه يشعر بالأمان والراحة ، ولا يشعر بالغربة عند مناجاته لله، بل يجد في الدعاء أنسًا وسكينة. ولا يشعر بالخوف أو القلق، لأنه يعلم أن الله رحيم، كريم، يحب سماع دعاء عباده ويستجيب لهم ،فالطفل عندما يحتاج إلى شيء من والده المحب، فإنه يطلبه بثقة واطمئنان، لأنه يعرف أن والده لن يرده خائبًا.

📍٤. “فَإِنْ أَبْطَاءَ عَنِّي عَتِبْتُ بِجَهْلِي عَلَيْكَ، وَلَعَلَّ الَّذِي أَبْطَاءَ عَنِّي هُوَ خَيْرٌ لِي لِعِلْمِكَ بِعَاقِبَةِ الأُمُورِ”
أحيانا العبد يعترض على تأخر الإجابة، لكنه يدرك أن الله يعلم ما هو خير له .ولذلك يقول تعالى : “وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ” .
قد يدعو الإنسان بالزواج من شخص معين لكن الله يؤخره لأنه يعلم أنه ليس خيرًا له .
قد يتأخر الرزق والوظيفة ، لكنه يأتي في وقته المناسب، وهكذا من الامثلة في الحياة.

📍٥. “فَلَمْ أَرَ مَوْلىً كَرِيماً أَصْبَرَ عَلَى عَبْدٍ لَئِيمٍ مِنْكَ عَلَيَّ يَا رَبِّ”
هذا المقطع يعبر عن عظمة رحمة الله وصبره على عباده رغم تقصيرهم وكثرة ذنوبهم. فالعبد يعترف بأنه مقصر وعاصٍ، لكنه يرى أن الله لا يزال يحسن إليه، ويصبر على أخطائه، ولا يعجل بعقوبته.

فالله تعالى يقول “وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ”، أي أن الله لو كان يعاقب البشر فورا على ذنوبهم، لهلك الجميع، لكنه يؤخر العقوبة رحمة بهم. وهناك أمثلة كثيرة في الحياة وعبر العصور حتى على مستوى الطواغيت في الارض لم يعاقبهم الله بشكل مباشر بل اخرهم ، فالله يعامل عباده بالرحمة وليس بالعدل…

🤲اللهم نبهنا من نومة الغافلين ، واجعلني مع عبادك الصالحين المخلصين العاملين بحق محمد وال محمد صلواتك عليهم اجمعين…