الثلاثاء - 25 مارس 2025
الثلاثاء - 25 مارس 2025

✍📜 الشيخ الدكتور عبد الرضا البهادلي ||
١١ / ٣ / ٢٠٢٥

يروى عن صفوان بن يحيى أنه قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: “كان جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: لولا أنا نزداد لأنفدنا.”

📍هذه الكلمات، التي نطق بها الإمام عليه السلام قبل أكثر من ألف عام، تجسد فلسفة راسخة في الحياة، وتنسجم تماما مع قول الله تعالى: (وقل رب زدني علما)، وقول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: “اطلب العلم من المهد إلى اللحد.”

📍إن دلالة هذه الرواية، إلى جانب الآية الكريمة والحديث الشريف، واضحة وضوح الشمس؛ فالعلم في تطور مستمر، والمعرفة تتجدد يوما بعد يوم، وعلى الإنسان أن يواكب هذا التطور، وإلا وقع في الجهل، مهما بلغ من التحصيل. فليس العالم من يحفظ العلوم القديمة فحسب، بل من يستمر في التعلم والتجديد والتحديث.

📍وما باب فتح الاجتهاد في الفقه الشيعي إلا قطرة وجزئية من بحر علوم ال محمد صلوات الله عليهم استثمرها العلماء في تطوير الفقه والاصول وقد وصلوا إلى مراحل متقدمة في فهم النص الشرعي ليواكب تطور الحياة ،والا لبقي الفقه جامدا لا يعطي أجوبة للمسائل والمواضيع المستحدثة كما المذاهب الاخرى بقيت تقلد مراجع وعلماء رحلوا قبل الف عام ….

📍للأسف، كأمة إسلامية وعربية، لم نستفد من كنوز معارف أهل البيت عليهم السلام، وأهملناها رغم ما تحمله من نور وهداية.

ولو أننا تمسكنا بها، وسعينا إلى تطبيق مبادئها في العلم والتطور، لكان لنا شأن عظيم، ولأصبحت أمتنا سيدة على الأمم، كما وعد الله من يسير في طريق العلم والعمل الصالح: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض).

📍أما اليوم، فإن من يسيطر على العالم هم أولئك الذين أدركوا قيمة التعلم المستمر، وكأنهم استلهموا ذلك من تعاليم القرآن الكريم وروايات النبي الأكرم وأهل بيته الطاهرين، الذين شددوا على ضرورة مواكبة التطور العلمي والفكري.

📍يقول عالم المستقبليات الأمريكي ألفين توفلر عن الأمية في القرن الحادي والعشرين:
“الأميون في هذا العصر ليسوا من لا يعرفون القراءة والكتابة، بل من لا يستطيعون التعلم، والتخلص مما تعلموه، ثم إعادة التعلم من جديد.”

📍وهذا القول يحمل في طياته حكمة بالغة؛ فالتعلم عملية مستمرة،

ولا يكفي أن يتلقى الإنسان معرفة في مرحلة من حياته ويكتفي بها، بل عليه أن يكون قادرا على التخلص مما تجاوزه الزمن من معلومات، ثم يكتسب معرفة جديدة تواكب العصر.

📍انظر إلى الطب مثلًا: كم من العلاجات التي كانت تُعتمد قديما باتت اليوم متجاوزة أو حتى مضرة، بعدما كشفت الأبحاث الحديثة عن أساليب أكثر تطورا وفعالية؟ ومثل ذلك نجده في التكنولوجيا والصناعة وسائر مجالات الحياة. فمن لا يواكب تطور العلوم، يظل قابعا في الجهل، مهما ظن أنه عالم.

📍إذا أرادت أمتنا النهوض من سباتها، وبلوغ مراتب التقدم والازدهار، فعليها أن تجعل العلم والمعرفة والبحث العلمي في صدارة أولوياتها، وتنفق عليه أكثر مما تنفق على الكماليات واللهو والسفر والاكل والشرب. ولكن كيف يمكن لهذه الأمة أن تنهض، وقادتها غارقون في شهواتهم، وملذاتهم وغرائزهم، يعيشون التبعية لاعداء الامة ، يسيرون كما يراد منهم ؟!.

📍إن النهضة لا تبدأ إلا من وعي الامة ، ولا تتحقق إلا إذا جعلت الامة العلم سلاحها، والتطور هدفها ، والبحث المستمر منهج حياتها …..