الثلاثاء - 25 مارس 2025

العراق بين سذاجة الساسة وخبث الطائفيين: وطنٌ على حافة الانفجار..!

منذ أسبوعين
الثلاثاء - 25 مارس 2025

كاظم الطائي ||

يمر العراق بمرحلة حساسة تتسم بتداخل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما يجعله ساحة مفتوحة للصراعات الداخلية والخارجية.

وبينما يعاني الشعب من الفقر والتهميش وسوء الخدمات، نجد الساسة منشغلين بصراعاتهم الضيقة، غير مدركين أن تجاهلهم لمعاناة المواطنين قد يحول الشارع العراقي إلى بركان قابل للانفجار في أي لحظة.

ساسة بلا رؤية: السذاجة السياسية وصناعة الأعداء
الطبقة السياسية في العراق، والتي تشكلت بعد 2003، أظهرت على مدار العقدين الماضيين عجزًا واضحًا عن إدارة شؤون البلاد. فبدلًا من وضع خطط تنموية حقيقية،

انشغل هؤلاء في تعزيز نفوذهم ومصالحهم الشخصية، متجاهلين أن الفشل في تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية سيؤدي حتمًا إلى نشوء معارضة شعبية تتجاوز الأطر التقليدية.

الفقر المتزايد، البطالة، انعدام الخدمات، واستمرار الفساد المستشري كلها عوامل صنعت من الطبقة الحاكمة عدوًا للشعب، وجعلتها في موقف ضعيف أمام أي تغيير سياسي قادم.

وما يزيد الأمر تعقيدًا هو استمرار هذه النخبة السياسية في تكرار أخطائها، غير مدركة أن الشارع العراقي لم يعد قادرًا على تحمل المزيد من الأكاذيب والوعود الفارغة.

الطائفيون: خبثٌ سياسي وابتسامة صفراء
على الطرف الآخر، نجد الساسة الطائفيين الذين لم يقعوا في فخ السذاجة السياسية، بل اعتمدوا على التخطيط الممنهج لتمرير أجنداتهم. هؤلاء لا يتحركون بعشوائية، بل يتقنون استغلال الأزمات، وتأجيج الصراعات الطائفية، لضمان بقائهم في السلطة.

لقد تمكنت هذه القوى من توسيع نفوذها عبر استغلال الشعارات الدينية والقومية، مروجة لفكرة أن أي معارضة لها ليست سوى امتداد لمؤامرة خارجية. والأسوأ من ذلك، أن بعضهم بدأ يلمّح علنًا إلى دعم جهات خارجية لتحقيق أهدافهم، في ظل غياب أي مشروع وطني جامع.

الخيار الانهزامي: هروبٌ من الواقع
في مواجهة هذا المشهد، يحاول بعض الساسة اللجوء إلى خيارات عبثية مثل التلويح بالانفصال الإداري لبعض المحافظات، ظنًا منهم أن هذا سيشكل ورقة ضغط رابحة. إلا أن هذه الخطوات ليست سوى هروب من الواقع، ومحاولة بائسة لإيجاد حلول ترقيعية دون معالجة الأسباب الحقيقية للأزمات.

العراق بحاجة إلى رؤية استراتيجية واضحة، لا إلى مناورات سياسية تزيد من تعقيد الأوضاع. فالتلويح بالانفصال أو تقسيم البلاد ليس حلًا، بل هو مقدمة لمزيد من الفوضى التي ستعصف بما تبقى من الدولة.

بين العدو الداخلي والتدخل الخارجي
العراق اليوم يواجه تهديدات رئيسية تتمثل في الطائفية السياسية التي لا تزال تغذي الانقسامات وتحول دون بناء دولة وطنية متماسكة، والسياسيين الفاشلين الذين يفتقرون إلى الوعي والقدرة على إدارة الأزمات، والتدخلات الخارجية التي تستغل الانقسامات الداخلية لإبقاء العراق ساحة صراع دولية بدلًا من أن يكون دولة مستقلة ذات سيادة.

إن غياب الوعي السياسي لدى القادة العراقيين، وسوء إدارتهم للملفات الداخلية، جعل العراق عرضة للتلاعب الخارجي. وبدلًا من العمل على مواجهة هذه التحديات بحلول وطنية، نجدهم يسقطون في فخ الطائفية أو يتجهون نحو خيارات ارتجالية لا تخدم المصلحة العامة.

الانفجار قادم ما لم يتغير المشهد
العراق اليوم عند مفترق طرق خطير. إما أن يستفيق الساسة من غفلتهم، ويدركوا أن الشعب لم يعد قادرًا على تحمل المزيد من الأزمات، أو أن تستمر القوى الطائفية والخارجية في التقدم حتى يصبح العراق دولة فاشلة بالكامل.

الشعب العراقي قد تحمل كثيرًا، لكن التاريخ أثبت أن لكل صبر حدودًا، وأن من يراهن على سذاجة الناس قد يكتشف متأخرًا أن الغضب الشعبي أقوى من أي سلطة.

العقلانية والمنطق فوق الترويج الزائف
لا يمكن لأحد أن يعتمد على التلميع الإعلامي أو البحث عن أشخاص للترويج له، وخاصة حين تكون هذه المحاولات قائمة على أسس واهية.

إن اللجوء إلى الترويج عبر شخصيات لا تملك تأثيرًا حقيقيًا، خصوصًا حين يكون الهدف هو تجميل صورة فاشلة، لن يؤدي إلا إلى سقوط المدّعي قبل غيره. وبدلًا من رفع شأنه، ستسقطه هذه المحاولات إلى غير رجعة.

أما المبالغة في الحديث عن أن شوارع العراق أفضل من شوارع أمريكا، فهي ليست سوى استهزاء بالعقول، وتجاوز على الوعي الجمعي للشعب.

إن مثل هذا الكلام لا يمكن السماح له بالمرور دون رد، لأن العراق بحاجة إلى خطاب واقعي قائم على العقلانية والمنطق، لا إلى أوهام زائفة تحاول التغطية على الفشل الذريع.

نحن اليوم، كسياسيين أو كمراقبين للمشهد، ننتقد بوضوح، دون مجاملة أو تلميح، لأن المرحلة لم تعد تحتمل التزييف.

ما يحتاجه العراق هو رؤية حقيقية، وخطاب صادق، وسياسات تستند إلى مصلحة الوطن لا إلى المصالح الشخصية الضيقة.