الثلاثاء - 25 مارس 2025

💎جواهر عَلَويَّةٌ: مَنْ تَأَخَّرَ تَدْبيرُهُ تَقَدَّمَ تَدْميرُهُ..!

منذ أسبوعين
الثلاثاء - 25 مارس 2025

السيد بلال وهبي ـ لبنان ||

📢 رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “مَنْ تَأَخَّرَ تَدْبيرُهُ تَقَدَّمَ تَدْميرُهُ”

تُعد هذه المعادلة دليل قاطع وبرهان جلِيٌّ على أهمية التدبير في حياة الإنسان، فهي تنبّه إلى أن التأجيل في التخطيط واتخاذ الإجراءات المطلوبة لأي فعل أو نشاط أو مشروع يعزم المرء على فعله أو البدء به يؤدي حتماً إلى وقوع الفشل والدمار قبل أن يعي ذلك ويتنبَّه إليه.

لقد سبق منا الحديث حول حُسن التدبير وضرورته وشرطيته للنجاح، وعالجنا الموضوع من زاوية أن التقدير والتخطيط ولو كان ممتازاً فإنه لا ينفع إذا لم يكن مع حسن تدبير وتنفيذ، أما في هذه المقالة فسنعالج الموضوع من زاوية وجوب المسارعة إلى تدبير الأمور وعدم تأجيلها والتسويف فيها كي لا تذهب الفرصة، أو تتفاقم المشكلة، فيتعذَّر معها النجاح.

يمكننا تعريف التدبير بأنه تنظيم شؤون الحياة وتوجيهها بطريقة مدروسة تضمن استغلال الوقت والموارد بالشكل الأمثل، أو تنظيم شؤون الأمر أو العمل الذي نريد تدبيره بطريقة حكيمة ومسؤولة، ومراعاة الوقت الملائم، والكيفية الملائمة، وتهيئة أسبابه وظروفه ومادته.

ومِمّا لا جدال فيه أن تأجيل التدبير يعني التهاون في التخطيط والتنظيم وعدم اتخاذ الإجراءات الضرورية في الوقت المناسب، مما يؤدي إلى تفاقم المشاكل وتدهور الأحوال، وهذا ما تلخصه معادلة: “مَنْ تَأَخَّرَ تَدْبيرُهُ تَقَدَّمَ تَدْميرُهُ” ففيها تحذير صارم من أن الإهمال في تدبير الأمور في الوقت المناسب يؤدي إلى نتائج عكسية، حيث يسبق الفشل أو الدمار الشخص الذي سوَّف وأجَّل وماطل.

يؤكد القرآن الكريم في العديد من آياته الكريمة على ضرورة المبادرة إلى تدبير ما يجب تدبيره وعدم المماطلة والتسويف فيه قبل فوات الأوان، سواء كان أوان العمل، أو أوان العامل وهو الإنسان، فالإنسان منقوص من عمره، كل لحظة تمر عليه ينقص عمره بقدرها، كما أنه لا يعرف متى ينتهي أجله ويعاجله الموت، إن الإنسان عدد أنفاس يتنفسها، ولا يمكنه أن ينجز شيئاً خارج الوقت، والوقت عامِل لا ينتظر ولا يرحم، فالمبادرة إلى إنجاز ما يجب إنجازه هو السبيل الأوحد للنجاح.

لاحظ قارئي الكريم سورة العصر المباركة: وَالْعَصْرِ ﴿1﴾ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴿2﴾ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴿3﴾

إنها تبدأ بالقَسَم بالعصر، ثم تؤكد خسران الإنسان لعمره، إلا أولئك الذين يبادرون إلى استغلال الزمن فيما يعود بالنفع عليهم أو على مجتمعهم، إن تدبر معاني هذه السورة يُذكرنا بأهمية تقدير الوقت وعدم التسويف في أداء الواجبات.

ولاحظ معي قوله تعالى: وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴿آل عمران: 133﴾

إن الآية الكريمة تحثُّنا على المسارعة إلى مغفرة الله والجنة، فتصور أداء الطاعات الموجبة للمغفرة والجنة بصورة حسِّيَة، تصوره سباقاً إلى هدف أو جائزة، وهذا تعبير بليغ، يدفعنا إلى المبادرة إلى تدبير ما يجب تدبيره قبل فوات أوانه.

في الختام من المهم لقارئي الكريم أن يهتم بالتوصيات التالية:
أولاً: ضرورة استغلال الوقت، فهو أثمن الفرص التي يمنحها الله لنا.
ثانياً: تنظيم الوقت، فإن ذلك يساعد كثيراً على استغلال الوقت.
ثالثاً: ضرورة المبادرة دائماً وتجنُّب التسويف والمماطلة
رابعاً: عدم انتظار الظروف المثالية، فالقرار الحاسم في الوقت المناسب قد يمنع وقوع المشاكل ويحول دون تراكم العقبات.
خامساً: التقييم الدائم للأداء، والمسارعة إلى معالجة الأخطاء.

فجر يوم الأربعاء الواقع في: 12/3/2025 الساعة (04:50)