الثلاثاء - 25 مارس 2025
منذ أسبوعين
الثلاثاء - 25 مارس 2025

سمير السعد ||

لطالما كانت التنظيمات الإرهابية وقادتها أدوات للدمار والفوضى، ولا يزال أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، أحد أبرز رموز الإرهاب في العصر الحديث.

فمنذ بروزه على الساحة السورية، مثّل الجولاني نموذجًا للمراوغة السياسية بغطاء ديني، ساعيًا لتوسيع نفوذه على حساب معاناة الشعب السوري.

بروزه كان من رحم تنظيم القاعدة، متدرجًا من جندي مغمور إلى أحد أخطر قادة الجماعات الإرهابية. انضم في البداية إلى “دولة العراق الإسلامية” تحت قيادة أبو مصعب الزرقاوي، لكنه قفز إلى الساحة السورية بعد اندلاع الحرب، مؤسسًا جبهة النصرة التي لم تكن سوى ذراعٍ أخرى للقاعدة بلباس محلي.

عندما انفجرت الخلافات بين النصرة وتنظيم “داعش”، حاول التسويق لنفسه كبديل “أكثر اعتدالًا”، لكنه في الواقع لم يكن إلا نسخة أكثر مكراً.

ففي حين مارس “داعش” إرهابه بوحشية علنية، أتقن الجولاني لعبة تلميع الصورة والتفاوض مع القوى الإقليمية، بينما ظلّت جرائمه بحق المدنيين والمعارضين مستمرة في الخفاء.

بعدما أعلن فك ارتباطه بتنظيم القاعدة، تحوّلت “جبهة النصرة” إلى “هيئة تحرير الشام”، لكن التغيير لم يكن سوى خدعة سياسية لتفادي الضغوط الدولية.

فالتنظيم واصل ممارساته الإرهابية، مستهدفًا كل من يخالفه، وفرض حكمًا استبداديًا على سكان إدلب، مستخدمًا القتل والاعتقال والقمع كأدوات للبقاء.

ورغم محاولاته التقرب من الغرب عبر تقديم نفسه كحاجز أمام “داعش”، لم يتغير شيء في سياساته القمعية، حيث استمر في استهداف الصحفيين والنشطاء والمعارضين، بل وحتى الفصائل المسلحة التي رفضت الانصياع له.

من المفزع أن نجد بعض وسائل الإعلام، مثل قناتي “الجزيرة” و”الحدث”، تُقدمان الجولاني ومجموعته كطرف شرعي في المعادلة السورية، متجاهلين تاريخه الدموي وجرائمه التي لا تقل فظاعة عن جرائم التنظيمات الإرهابية الأخرى.

هذا الترويج الإعلامي لا يخدم سوى الإرهاب، ويعطي الجولاني مساحة لتبييض صورته أمام الرأي العام.

إن تقديمه كقائد سياسي أو متمرد معارض هو تزييف للحقيقة وخيانة لآلاف الضحايا الذين سقطوا بسبب إرهابه. فمهما غيّر شعاراته وأسماء تنظيماته، يبقى الجولاني إرهابيًا مسؤولًا عن معاناة المدنيين وانهيار الاستقرار في المنطقة.

الجولاني ليس سوى امتداد لسلسلة من قادة الإرهاب الذين استغلوا الفوضى لتحقيق أطماعهم الشخصية. وبينما يحاول الإعلام المتواطئ تلميع صورته، تظل الحقيقة ثابتة:

لا فرق بينه وبين أي إرهابي آخر، سوى في الأساليب والخطاب.

فمحاربة الإرهاب لا تعني مواجهة “داعش” فقط، بل تعني أيضًا فضح وتفكيك جميع التنظيمات المتطرفة التي تتغذى على الدمار والدم.