الثلاثاء - 25 مارس 2025

💎جواهر عَلَويَّةٌ: مَنِ ارْتادَ سَلِمَ مِنَ الزَّلَلِ..!

منذ أسبوعين
الثلاثاء - 25 مارس 2025

✍ السيد بلال وهبي ـ لبنان ||

📢 رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “مَنِ ارْتادَ سَلِمَ مِنَ الزَّلَلِ”

معادلة مهمة، وفهمها أهم، والعمل بمقتضاها أكثر أهمية لما يترتب عليها من السلامة والأمن من الزلل والخطأ، إنها تدعونا إلى اختيار الطريق السليم الذي يحمينا من الوقوع في الأخطاء والانحرافات والضلالات،

وذلك الطريق قد بيَّنه الله لنا، وهدانا إليه بالفطرة السليمة، والعقل السليم، والأنبياء والرُّسُل، والكتُب التي أنزلها عليهم، لا سيما القرآن الكريم خاتم تلك الكتب والمُهيمن عليها، والذي لم يزل محفوظاً من التحريف والنقيصة والزيادة، فهو على ما أنزله الله على قلب رسوله الأكرم محمد (ص).

والذي وصفه الله تعالى بقوله: إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴿الإسراء: 9﴾.

وقد بيَّن الله لنا في كتابه الصراط المستقيم، عقيدة، وشريعة، ومنظومة أخلاقية سامية، وجسَّده الرسول الأكرم محمد (ص) والأئمة الأطهار (ع) في سيرتهم وسُنَّتهم، ودعانا إلى الكون عليه دائماً أبداً ما كُنّا أحياء، بل دعانا أن نسأله الهداية الدائمة إليه، ففي الحياة أيضاً أباطيل وأضاليل، وشَرٌ، وفجور، وظلم، وأفراد وجماعات يصدون عن صراط الله ويبغونها عِوَجاً، كما أن في النفس غرائز شَتّى، وأهواء متطلِّبة، تدعونا إلى السوء والفحشاء وتعدّي حدود الله، والمرء لا يأمن على نفسه من الاستجابة لهذه وأولئك،

ما يدفع عنه ذلك إلا اللجوء إلى الله تعالى وطلب الهداية الدائمة منه، لذلك نرّدد في اليوم عشر مرّات واجبة.

قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿6﴾ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴿الفاتحة: 7﴾

المعادلة التي بين أيدينا تفيد أن من يتجه إلى الطريق الآمن والمستقيم، المبني على الهدي الإلهي والتوجيه النبوي والإمامي، يفوز بالحماية من الأخطاء والزّلل في سلوكه وتصرفاته، وهذا ما تؤكده التجربة الإسلامية، والإمامية خصوصاً،

فلقد أرسى رسول الله (ص) والأئمة المعصومين من آله (ع) منهجاً فكرياً مستقيماً منسجماً مع العقل، ونابعاً من هدي القرآن والنبوة، يُمَكِّن المؤمن من بناء عقيدة صحيحة متينة لا تنال منها الشبهات، ويمكنه من بناء دنياه وآخرته على عين الله تعالى، وبه يميز بين الولي والعدو، وبين الأخ والآخر، وبه يحدِّد أولوياته وضروراته،

وقد تجلَّى هذا المنهج القويم في أداء أتباع مدرسة أهل البيت (ع) في فكرهم، وأدائهم الاجتماعي والسياسي وتعاملهم مع القضايا الكبرى التي تهم الأمة، وتخطيهم حواجز المذهبية، وعقلية التكفير، فكانوا ولم يزالوا يواجهون الطغاة والظلمة، وينصرون المستضعف والمظلوم ولو لم يكن من مذهبهم أو تابعاً لدينهم، وموقفهم من الحرب الظالمة على غ.ز.ة برهان على ذلك.

“مَنِ ارْتادَ سَلِمَ مِنَ الزَّلَلِ” الارتياد يعني اتخاذ المرء قراراً واعياً بالسير على طريق هادف ومأمون، والابتعاد عن مسالك الشك والضلال، والسلامة هي الاستقامة والأمن من الانحراف.

يتضح من ذلك أن على المرء أن يختار لنفسه بوعي وبصيرة ويقين الطريق المستقيم والمنهج الحق الذي يقي من الزلل مستنداً في اختياره إلى مصادر الحق والحقيقة التي هي العقل، والقرآن الكريم، وسُنَّة النبي والأئمة الطاهرين (ع).

ولقد دعا القرآن الكريم إلى الكَون مع الصادقين فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴿التوبة: 119﴾.

فالآية تأمر المؤمنين بالتقوى واتباع الصادقين في أقوالهم و أفعالهم، وهو غير الأمر بالاتصاف بصفتهم، فالتصاف بصفتهم يعني أن يكون من الصادقين، أما الكون معهم فيعني اتباعهم، ومما لا جدال فيه أن اتباع الصادقين الذين يشهد الله لهم بالصدق يحمي من الوقوع في الخطأ والزلل والضلال.

وروى المسلمون في صحاحهم ومسانيدهم قول رسول الله (ص): “عَلِيٌ مَعَ الحَقِّ والحَقٌّ مع عَلِيٍ يَدورُ مَعَهُ حَيْثُما دَارَ”.

والرسول الصادق الأمين لا يقول ذلك جُزافاً، فإنه لا ينطق عن هوى، ولا يقوله لذكر فضيلة لعلي (ع) بل ليقدم للأمة الضمانة من الانحراف والضلال وهي اتباع عَليٍ الذي يتبعه الحق ويدور معه كيفما دار.

ورووا في صحاحهم ومسانيدهم قول رسول الله (ص): “إِنِّي أَوْشَكَ أَنْ أُدْعَى فَأُجِيبَ، وَإِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمُ اَلثَّقَلَيْنِ: كِتابَ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّماءِ إِلى اَلْأَرْضِ، وَعِتْرَتِي أَهْل بَيْتِي، وَإِنَّ اللَّطِيفَ اَلْخَبِيرَ أَخْبَرَنِي أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الحَضْر، فَانْظُرُوا مَاذَا تَخْلُفُونِّي فِيهِمَا”

النتيجة التي نخرج بها هي أن على المرء أن يختار طريقه بوعي، وأن يستند في اختياره إلى الهدي الإلهي النابع من القرآن الكريم وسُنَّة النبي والأئمة الأطهار (ص) وأن الاتباع الصحيح للهدي ليس خياراً يختاره الإنسان أو لا يختاره بل هو ضرورة تحفظ منه النفس والعقل والروح.

فجر يوم الخميس الواقع في: 13/3/2025 الساعة (04:45)