حديث الإثنين: ترمب ينتقم لإسرائيل..!
احمد ناصر الشريف ||
صحيفة 26سبتمبر العدد2401
17 آذار/مارس 2025م
اليمن بقيادته الثورية الشجاعة والحكيمة هو البلد الوحيد من بين أكثر من عشرين دولة عربية الذي أعلن موقفه الثابت والصريح الداعم والمساند للقضية الفلسطينية قولاً وفعلاً وهي القضية الأولى والمركزية التي كان يفترض أنها تهم كل العرب شعوبا وأنظمة بالإضافة إلى الدول الإسلامية قاطبة.
ولكن مع الأسف الشديد فقد تم تجاهل كل ما يجري في قطاع غزة من إبادة جماعية على أيدي جيش بني صهيوني الذي يزداد عتوا ونفورا في ظل صمت عربي وإسلامي بل وعالمي لدرجة أن تم إغلاق المعابر التي كانت تمر عبرها المساعدات الإنسانية المحدودة إلى القطاع ليموت سكانه من الجوع والعطش،
وعندما أعلن اليمن موقفه بعد انقضاء مهلة الأربعة أيام التي حددها السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي وعادت القوات المسلحة اليمنية لمحاصرة الكيان الصهيوني اقتصادياً كخطوة أولى من خلال منع السفن الاسرائيلية من العبور إلى جنوب الكيان في البحرين العربي والأحمر وخليج عدن وباب المندب.
قامت القيامة على اليمن من قبل من كان يعتقد فيهم بأنهم سيكونون المبادرين للوقوف إلى جانب أشقائهم في قطاع غزة واعتبروا ما يقوم به اليمن ممثلا في قيادته الثورية الحكيمة وقواته المسلحة الشجاعة وشعبه العظيم جريمة في حق الكيان الصهيوني اللقيط.
وهو الأمر الذي جعل بعض الدول العربية والإسلامية تسارع إلى إنقاذ هذا الكيان المغتصب من خلال تزويده بكل احتياجاته من مؤن عبر طريق بري ينطلق من مشيخة الإمارات والسعودية والأردن وصولا إلى مدن الكيان الصهيوني فضلا عما تقوم به تركيا بتزويده بكل ما يحتاج غير مبالين بما يحدث لسكان قطاع غزة من حصار وتجويع ونكوث بما تم الاتفاق عليه بين قيادة الكيان والمقاومة الفلسطينية والتنكر لمرحلته الثانية وعدم تنفيذ كل بنوده.
حيث عجز من يسمونهم بالوسطاء عن إقناع المسؤولين الصهاينة للتراجع عما قاموا به من عمل غير انساني سبق لهم أن تعهدوا بالالتزام بعدم القيام به وإن كان كل ما قاموا به قد تم بضوء أمريكي مستندين لتصريحات المعتوه ترمب التي هدد فيها وتوعد بتهجير الفلسطينيين من أرضهم والتي تراجع عنها مؤخرا بعد أن وقف كل العالم ضده فقال في محاولة منه لتلطيف الجو بالنسبة له لن يطرد أحد من قطاع غزة.
ولأن موقف اليمن الثابت كان ولا يزال مزعجا للكيان الصهيوني وعجزت إسرائيل أن تحد منه فقد قام ترمب شخصيا بالإنتقام لإسرائيل من اليمن حيث أصدر أمرا للقوات الأمريكية بشن عدوان غادرعلى اليمن فجر أمس الأحد أشرف عليه بنفسه وأستهدف سبع محافظات يمنية هي صنعاء وصعدة والبيضاء وذمار وحجة ومارب والجوف.
وقد تسببت صواريخه وطائراته التي انطلقت من القواعد العسكرية الأمريكية المتواجدة في عدد من دول المنطقة ومن بارجة في البحر الأحمر بإلحاق أضرار جسيمة بمنازل المواطنين واستشهاد وجرح العشرات من النساء والأطفال الذين طالهم القصف وهم نائمين ومطمئنين في بيوتهم واعتبر ترمب وقيادته العسكرية هذه المجازر التي ارتكبتها قواته بحق الأبرياء إنجازا للقوات الأمريكية مضللا في خطابه الإعلامي بأن الذي تم قصفه في اليمن هي أهداف عسكرية،
ومن المفارقات العجيبة أن بريطانيا العظمى والسعودية قائدة تحالف العدوان سارعتا إلى التبرؤ من دعم العدوان الأمريكي وأنه ليست لهما علاقة به وحتى وسائل الإعلام الصهيونية قالت إن العدوان على اليمن هو مسألة خاصة بين اليمن وأمريكا وهذا في حد ذاته يعد فخرا لليمن الذي أصبحت تخافه دول عظمى،
وقد احتفل العملاء والمرتزقة المرتبطون بتحالف العدوان بالعدوان الأمريكي على اليمن خاصة من كانت قنوات العدوان تستضيفهم وفي مقدمتها قناتي العربية والحدث السعوديتان فكانوا يصورون في تحليلاتهم لمتابعيهم بأن كل شيء قد انتهى في اليمن.
ولم يبق إلا أن تأتي قيادة المرتزقة على ظهور الدبابات الأمريكية للدخول إلى صنعاء الأبية والمستعصية على كل غاز ومحتل ولكن فرحتهم هذه التي استمرت لساعات لم تدم فقد جاءت نتائج العدوان الأمريكي بالنسبة لهم على عكس ما كانوا يرجونه منه ويتوقعونه فسارعوا إلى وصفه بالمسرحية وهو مصطلح قديم يتقنونه جيدا في حالة فشلهم وسيأتي الرد اليمني ليخرس ألسنتهم إلى الأبد.
ولأن الحكام العرب يعلمون جيدا أن اليمن ممثلا في قيادته الحكيمة إذا قال فعل فقد سارعت أنظمتهم لشن حملة إعلامية ضد اليمن ومدافعة في نفس الوقت عن الكيان الصهيوني مصورة إياه وكأنه المظلوم لاسيما الإعلام السعودي والإماراتي ومن يدور في فلكهم من الإعلاميين المرتزقة.
وهنا لا بد من أن نعود قليلا إلى الوراء لنقف أمام الحقد السعودي على يمن الإيمان والحكمة فبنو سعود أداة أمريكا وإسرائيل في المنطقة ينطلقون من رؤية خاصة بهم تتمثل في أنهم بعدوانهم الظالم على اليمن وشعبه العظيم يدافعون عن دولتهم ونظامهم الهش.
ويعتبرون هذا العدوان حماية لأنفسهم لخوفهم الشديد من بناء دولة قوية وعادلة مستقلة بقرارها السيادي في اليمن منبع العروبة وموطن الإنسان الأول فتسحب من تحتهم البساط وتكون لها الريادة في المنطقة كون الشعب اليمني صاحب حضارة عريقة تعود جذورها الى أكثر من سبعة آلاف عام بينما مملكة آل سعود التي تأسست في 23 سبتمبر عام 1932م على يد بريطانيا الاستعمارية لم يتجاوز عمرها الثالثة والتسعون عاما.
أي بعمر جيل أو جيلين وليس لهم تاريخ يستندون إليه سوى ما يمتلكونه من أموال لشراء الذمم وتسخير أصحاب الضمائر الميتة لمناصرتهم وتأييدهم إضافة إلى ابتداعهم لمذهب ديني متشدد أنفقوا على نشره مليارات الدولارات والريالات من أجل صناعة علماء سلطان يأتمرون بأمرهم ويفتون للعامة بما يتوافق مع توجهاتهم لدرجة تكفير كل من يخالف مذهبهم الذي لم ينزل الله به من سلطان ولا حتى تتماشى تعاليمه مع رسالة سيد البشرية وهاديها محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم عليه وعلى آله الأطهار وصحبه الأخيار أفضل الصلاة والسلام.
فحولوا بمذهبهم المتشدد الدين الاسلامي الحنيف من دين الرحمة والعدل والتسامح الى دين للقتل والذبح والإرهاب وقد انقلب محمد بن سلمان على هذا المذهب التكفيري ليُحل محله ما يُعرف حاليا بهيئة الترفيه التي يشرف عليها ويقودها لممارسة المجون تركي آل الشيخ بخلاف ما ورثه له جده محمد بن عبدالوهاب آل الشيخ ولأن العين حمراء من قبل بني سعود على اليمن مُنذ تأسست دولتهم فقد نسبوا إلى شعبه كذباً وبهتاناً وزوراً كلما يخدمهم للاعتداء عليه لدرجة أنهم صوروا الشعب اليمني كخطر على الأمن القومي العربي،
لكن لأن الله يقف مع المظلوم ومع الحق فقد أراد للشعب اليمني أن يتحرر من الوصاية الخارجية على قراره السياسي وأعانه على الصمود أمام العدوان الظالم ومقاومته بل والانتصار عليه ليستعيد اليمن مكانته الطبيعية بين الأمم التي عرف بها عبر تاريخه المجيد وسقطت كل حججهم التي جعلوا منها شماعة لشن عدوانهم عليه.