ازدواجية المعايير. عند بعض الناس..!
ماجد الشويلي ||
تقول الاية:
(وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا۟ رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ).
هذه الآية من سورة الروم (الآية 33) تحمل أبعادًا فلسفية ومعنوية وروحية وأخلاقية على الصعيدين الفردي والاجتماعي، ويمكن تحليلها كالتالي:
1- البعد الفلسفي:
تتحدث الآية عن الطبيعة البشرية المتناقضة، حيث يلجأ الإنسان إلى الله في أوقات الشدة، لكنه قد يعود إلى الغفلة بعد زوالها. وهذا يعكس فكرة فلسفية حول العلاقة بين الوعي الإنساني والظروف المحيطة به، ومدى تأثير المصلحة الشخصية على الفكر والاعتقاد. الآية تسلط الضوء على إشكالية الإيمان المشروط، حيث يكون التدين أحيانًا نتيجة للضغوط وليس قناعة داخلية راسخة.
2- البعد المعنوي والروحي:
الآية تبرز قيمة “الإنابة” إلى الله، أي العودة إليه بصدق في لحظات الضعف. وهي تذكير للإنسان بأن حاجته إلى الله ليست مقصورة على الأزمات فقط، بل ينبغي أن تكون دائمة.
الروحانية الحقيقية تُبنى على الإيمان المستمر، وليس على ردة الفعل عند الأزمات فقط.
3- البعد الأخلاقي:
تتناول الآية قضية “الجحود والنكران”، حيث يُظهر الإنسان نوعًا من النفاق الأخلاقي عندما يتجاهل فضل الله بعد انتهاء المحنة. هذا يطرح مسألة أخلاقية جوهرية: هل الإيمان يجب أن يكون مشروطًا بالمصلحة؟
وهل الاعتراف بالنعم يجب أن يكون مرتبطًا فقط بزوال الأذى؟
تدعو الآية إلى الاتساق الأخلاقي بين حالتي الضيق والرخاء، بحيث يكون الإنسان شاكرًا في كل أحواله.
4- البعد الاجتماعي:
عندما يكون هذا السلوك شائعًا في المجتمع، فإنه يؤدي إلى ظواهر اجتماعية مثل انتشار الجحود، وانخفاض مستوى الأخلاق، وتراجع القيم الدينية.
كما أن ضعف الارتباط بالله في أوقات الرخاء قد يؤدي إلى فساد المجتمعات، لأن البشر يميلون إلى الغرور والتكبر عندما يشعرون بالاستغناء. بالمقابل، فإن مجتمعًا يتصف بالإنابة المستمرة يكون أكثر استقرارًا وتماسكًا.
ان تصحيح العلاقة بين الإنسان وربه بحيث تكون مبنية على الإيمان العميق، وصدق العلاقة معه سبحانه وليس فقط على الحاجة الوقتية. وهي تذكير بضرورة شكر النعم وعدم نسيان الله بعد زوال المحن، لأن ذلك يعكس نضجًا روحيًا وأخلاقيًا مطلوبًا للفرد والمجتمع
طاب يومكم ببركة الصلاة على محمد وال محمد
انشروا الخير تفلحوا.
https://t.me/SECHDE