سيناريو الرعب: حرب أقليمية شاملة وتأثيرها على العراق والمنطقة؟!
الخبير بالشأن السياسي والأمني طه حسن الأركوازي ||
تعيش منطقة الشرق الأوسط على وقع التوترات والصراعات المتشابكة التي تراوح بين السياسي والاقتصادي والجغرافي والقومي والمذهبي ، ومع أستمرار الحرب في قطاع غزة ، وأحتمال تبادل الضربات بين ( أسرائيل وأمريكا من جهة وأيران وأذرعها في المنطقة من جهة أُخرى ) ، وأحتمالية توسعتها لتشمل دولاً ومناطق أخرى ، مما قد يؤدي إلى كارثة إقليمية ذات تداعيات عالمية .
أولاً / أسباب وعوامل تفجر الصراع :
1- الصراعات الطائفية والمذهبية :
العراق ودول أخرى في المنطقة تعاني من أنقسامات داخلية حادة بين الطوائف والمذاهب المختلفة ، مما يجعل أي صراع إقليمي بمثابة فتيل يشعل مواجهات داخلية على سبيل المثال ، قد يؤدي أي تصعيد عسكري ( إسرائيلي أمريكي – إيراني ) إلى تحفيز جماعات موالية لإيران داخل العراق وسوريا ولبنان واليمن للتحرك عسكرياً ، وأحتمالية التوسعة لتشمل دولاً ومناطق أخرى .
2- التنافس الإقليمي والدولي :
تتنافس قوى إقليمية كإيران وتركيا والسعودية على النفوذ في المنطقة ، فيما تترصد القوى الكبرى كأمريكا وروسيا والصين أي تحركات لتعزيز مصالحها ، في حال نشوب حرب إقليمية ، ستسعى هذه الأطراف إلى توظيف الفوضى لصالحها ، ما يزيد من تعقيد المشهد .
3- الفقر والبطالة وسوء الإدارة :
يُعد العراق ودول عربية أخرى ساحة للفساد وسوء الإدارة ، مما يجعل الاستقرار الاجتماعي هشاً ، وفي حال توسع الحرب ، فإن أنهيار الاقتصاد والبنية التحتية وأرتفاع معدلات الفقر والبطالة قد يؤدي إلى أنفجار أحتجاجات أجتماعية عنيفة تزيد من تفكك الدولة .
4- نقص المياه والتغير المناخي :
يعاني العراق من أزمة مياه حادة ، تتفاقم بفعل السدود التي تبنيها تركيا وإيران ، والتغيرات المناخية ، ففي حال أندلاع نزاع إقليمي واسع ، فإن تضرر البنية التحتية المائية والزراعية قد يؤدي إلى موجة لجوء ونزوح داخلي غير مسبوقة ، مما يفاقم الأوضاع الإنسانية .
5- الجماعات الإرهابية والمتطرفة :
تعد الجماعات المتطرفة مثل “داعش” والعصابات المسلحة الأخرى من أكبر المستفيدين من الفوضى ، في حال أنهيار الأنظمة الأمنية في بعض الدول بسبب الحرب ، ستجد هذه الجماعات بيئة خصبة لإعادة تنظيم صفوفها وشن هجمات جديدة ، مما يهدد الأمن الدولي بأسره .
ثانياً / التداعيات المحتملة للسيناريو الأسوأ :
1- تفكك الدول وأنتشار الفوضى :
في حال توسعت الحرب ، فإن دولًا كثيرة في المنطقة سيطولها النار وقد تنهار بالكامل ، مما يؤدي إلى نشوء دويلات صغيرة متناحرة تُحكم من قبل عصابات مُسلحة ، على غرار ما حدث في ليبيا .
2- أنهيار الاقتصاد العالمي :
الشرق الأوسط هو شريان الطاقة العالمي ، وأي حرب واسعة ستؤدي إلى تعطل إمدادات النفط والغاز ، مما سيتسبب في أزمة أقتصادية عالمية حادة ، حيث سترتفع أسعار الطاقة بشكل غير مسبوق ، مما يؤدي إلى أضطرابات في الأسواق العالمية .
3- موجة لجوء جديدة :
ستدفع الحرب بملايين الأشخاص إلى الهروب من مناطق النزاع إلى أوروبا ودول أُخرى ، مما سيشكل تحدياً إنسانياً ضخماً وسيفاقم الأزمات الاجتماعية في الدول المستقبلة .
4- أحتمالية تحول النزاع إلى حرب عالمية :
في حال تورط قوى كبرى بشكل مباشر ، كالصين وروسيا وأمريكا وأوربا ، فقد يتحول الصراع إلى حرب عالمية ثالثة ، خصوصاً إذا دخلت إسرائيل وإيران في مواجهة شاملة ، مما سيدفع الدول الكبرى إلى التدخل العسكري المباشر .
في الختام يبقى الشرق الأوسط منطقة تحمل جينات الصراع الدائم ، وأي شرارة قد تؤدي إلى كارثة إقليمية غير مسبوقة ، من الضروري أن تسعى الدول الكبرى والمنظمات الدولية إلى منع الانزلاق نحو هذا السيناريو من خلال تعزيز الدبلوماسية والضغط على الأطراف المتصارعة لتجنب التصعيد وإلا فإن العالم قد يجد نفسه أمام مشهد كارثي يتجاوز حدود المنطقة إلى الساحة الدولية بأسرها ..!