الاثنين - 28 ابريل 2025
منذ شهر واحد
الاثنين - 28 ابريل 2025

د. أمل الأسدي ||

منذ عقدين وأكثر وصورة المرأة العراقية مشوهة في أغلب الأعمال الدرامية والبرامج التلفزيونية، فقد أظهرتها هذه الأعمال علی أنها سطحية، تافهة، غير متزنة، فظة، صوتها عال، متمردة علی الأسرة والقيم.. الخ من صور الاستهداف حتی جاء مسلسل” العشرين” ليقلب الأمور،

ينقل صورةً صادقة وواقعية عن المرأة العراقية، فيظهر شموخها وصبرها وقوتها وعزمها وإيمانها، ويظهر الجانب الذي يخفيه الإعلام وأغلب المنظمات غير الحكومية؛ جانب معانتها وما تعرضت له من ظلم يفوق الخيال إبان استهداف العراق من الإرهـاب بعد 2003 من القاعدة وأخواتها وتفرعاتها وآخرها دا عش!

نعم، أيها الناس، هذه المرأة العراقية، هذه صورتها التي قدمها مسلسل” العشرين” وجسدتها آلاء حسين بإبداع لم تشهد مثله الدراما العراقية من قبل، وتلقائية ودّعها الجمهور مبكرا! فكل الأعمال الدرامية يظهر فيها الممثلون العراقيون وهم يحاولون إقناع الناس علی أنها واقعية وحقيقية، إلا في العشرين!!

بات الجمهور يبحث عمن يقنعه أن ما يشاهده تمثيل وليس حقيقة!

لهذا حين تصرخ آلاء حسين وتقول” يمه .. يمه” تشعر المرأة المشاهِدة، أنها تعيش حالة استرجاع، وأن هذه الـ ” يمه” بصوتها هي!

يمه.. يمه.. أكثر كلمة ترددت علی لسان العراقيات المفجوعات، ظهرت الآن علی الشاشة محملة بأوجاعهن وصرخاتهن وكأنها هي بالضبط، كأنها الـ يمه نفسها!

مع العشرين عادت الدراما العراقية إلی الحوار العميق الذي افتقدناه منذ عقود، الحوار الذي يعصف بالذهن، ويطرق مناطق الوعي ويحرث الذاكرة ويناقش القضايا التي يستهدفها الإعلام ويصدّرها الی الناس ملفوفةً بضبابية وعتمة وتحديدا أعني حلقة المصعد، وحلقة” فكرة” التي قدمت للجمهور خطابا عميقا، وتجسيدا يشعر المتلقي بالرهبة والهيبة،

إذ تأخذ روحه إلی مقاماتٍ سامية، وتحرّك عقله وتفعِّل منطقه، تلك الحلقة التي تعادل عشرات الكتب وعشرات المقالات عن التضحية والاستبسال والعزة والكرامة والمقاومة، الحلقة التي أبدع فيها الفنان” خليل فاضل خليل إبداعا منقطع النظير وكذا حال الفنانة “آلاءحسين” التي جسدت صوت النفس التي تتأرجح بين أنماطها،

بين أن تكون مع نمط النفس الأمارة بالسوء، ونمط النفس الراضية المرضية، وهذه فكرة عميقة جدا، تصل جذورها إلی قضية خلق الإنسان واختيار الباري عز وجل له ليكون خليفةً قادرا علی تحديد مصيره، قادرا علی الاختيار واتخاذ القرار!

لهذا أعد مسلسل العشرين ركيزة أو قاعدةً تأسيسية لنمطٍ جديدٍ من الدراما، تلك الدراما التي تسهم في تشكيل هوية الأجيال!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمتابعة مقالات د. أمل الأسدي
https://t.me/Ab_Wahab