في حضرموت انتهى زمن الخيانة..!
محمد حسن زيد ||
12 إبريل 2025
لو عاد بنا الزمن إلى ثمانينات القرن الماضي قبل زمن القنوات الفضائية لما صدقنا ان تلك كانت البداية لإعادة تشكيل العقل العربي تدريجيا إلى مستوى سيصبح فيه التحالف مع الكيان الصهيوني اللقيط بعد ٤٠ عاما وجهة نظر!
لقد انتهى مفهوم “الخيانة” و”العمالة” و”الحرام” و”العيب” ولم يعد للقيم ثبات في زمن النسبية بعد أن أصبح كل شيء قابلا للجدل بتأثير العولمة ووسائط التواصل الاجتماعي..
هناك يمنيون اليوم يُجاهرون بتأييد ضربات أمريكية على اليمن، وهناك عرب ومسلمون لا تعنيهم حرب الإبادة والتهجير التي تُشنُّ ضد المحاصرين في غزة!
في عالم تسوده القيم المادية والاستهلاكية والنسبية على حساب المبادئ العليا كل واحد بات يبحث عن موهوم “مصلحته” فـ”المصلحة” أصبحت هي المقياس الأساس.. “المصلحة القُطرية” بررت لـ”المصلحة المناطقية” والتي بررت بدورها لـ”المصلحة الفردية” وكل هذه العناوين “المصلحجية – التفتيتية” بررت للعمالة والخيانة وبيع المبدأ وألبستها غلافا “وطنيا” أو “مذهبيا” أو “حقوقيا” جميلا سيما مع أساليب ذكية في توجيه الرأي العام بإدارة قوى نافذة محترفة أصبحت الخيانة وجهة نظر والعمالة رأيا سياسيا والشذوذ مثلية والزنا حرية والارتزاق لقمة عيش!
“حلف قبائل حضرموت” اجتمع في 12 إبريل 2025 مطالبا بالحكم الذاتي وداعياً إلى تدخل إقليمي ودولي لتحقيق هذا المطلب.. لِمَ لا؟! فحضرموت هي أكبر مساحة جغرافية في الجمهورية اليمنية حاليا وهي أكبر مساحة جغرافية في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقا،
وهذه المساحة الجغرافية ذات الكثافة السكانية الضئيلة تزخر بثروات طبيعية هائلة وموقع استراتيجي مميز وهناك وعود بأن تتحول إلى إمارة أخرى من إمارات الخليج العربي الثرية المترفة إما بالانضمام للسعودية أو بالاستقلال، فلماذا تربط مصيرها باليمن ولديها إمكانية للاستقواء بالخارج في زمن ماتت فيه المبادئ وأصبحت “المصلحة” صنماً يُعبد مع الله حيث لم تعد للشعارات الدينية ولا القومية قيمة وحلت محلها الهويات العصبوية الضيقة! وعلى غرار ما جرى في ليبيا ما هو المانع من المطالبة بتدخل إقليمي ودولي للاستقلال وتفتيت اليمن؟
“الشرعية” التي سلمت رقبة اليمن للسعودية والإمارات ها هي اليوم تشهد تآمرهما العلني لتقاسم الكعكة اليمنية.. سقطرى – حضرموت – شبوة المهرة – عدن حيث لا يوجد حوثي ولا إيران ولا أي من الدعايات المضللة.. بل استضعاف محض..
أما الانفصاليون في جنوب الوطن الذين تنكروا لأصلهم وجحدوا يمنيتهم ثم غازلوا إسرائيل ضد قومهم وأمتهم أملا في نيل “مصلحة” ها هم اليوم يقطفون ثمرة خيارهم السياسي وأصبحوا بين نارين إما تأييد حق حضرموت في الانفصال ليحصلوا هم على حق الانفصال من اليمن، أو رفض حق حضرموت في الانفصال ورفع شعار “الوحدة أو الموت” ليحموا هويتهم “الجنوبية” من التفتيت ومن العودة إلى زمن السلطنات تحت الوصاية الخارجية..
يقول الحق تبارك وتعالى: { وَٱعۡتَصِمُوا۟ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِیعࣰا وَلَا تَفَرَّقُوا۟ۚ وَٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَاۤءࣰ فَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦۤ إِخۡوَ ٰنࣰا وَكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةࣲ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَ ٰلِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَایَـٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ }
لكن حتى هذه الآية سيجدون لها ألف تأويل عبر الجدل في زمن الجدل وضياع القيم، بل قد يضطرون لإسقاط قدسية القرءان ان شعروا انه سيتعارض مع ما يتوهمونه من “المصلحة” لكن في اللحظة التي سيُدركون فيها أن الانفصال قد أصبح خطرا على مصلحتهم ونذيرا بتفتيت المُفتت وتجزئة المُجزأ سيدركون أن حضرموت بنفسها قد تتحول إلى عشرات الكنتونات المفككة التي تشتعل بالفتن والحروب والأحقاد إلى أن يرفع الله بلاءه عنهم..
على ضوء هذه المستجدات أهيب بجميع القوى السياسية اليمنية أن تسعى بجدية للتقارب والاتفاق وتجاوز خلافاتها من أجل إبرام تسوية سياسية تحفظ بها الوطن من التفتيت، وكما توصلت هذه القوى إلى إتفاق السلم والشراكة وكادت تُحلحِلُ جميع التفاصيل في مفاوضات موفنبيك قبل أن تتدخل السعودية في 26 مارس 2015 وتفرض خيار الحرب يمكن أن يتوصل اليمانيون اليوم بحكمتهم المعروفة إلى إتفاق سياسي لو تحرروا من الوصاية الخارجية وانحازوا للوطن والمواطن..
وإذا كنا نؤكد على رفضنا لأية وصاية إيرانية مزعومة فإننا نستغرب ممن يتغاضى عن الوصاية السعودية الإماراتية الأمريكية الملموسة وهي تعبث بمصير اليمن وشعبه وتُقسّم أرضَه وثرواته كالكعكة..
هذا والله المستعان هو نعم المولى ونعم النصير