إيران وأمريكا: هل يقود الاستثمار إلى تطبيع العلاقات وإعادة تشكيل التوازنات العالمية؟!
✍نزار الحبيب || ١٤/٤/٢٠٢٥
العلاقات بين إيران والولايات المتحدة تُعَد من أكثر العلاقات الدولية تعقيدًا وتشابكًا، حيث يمتد تاريخ طويل من التوترات والعداء السياسي بينهما منذ الثورة الإيرانية عام 1979.
أي تطور إيجابي في هذه العلاقة يُعتبر حدثًا استثنائيًا قد يترك تأثيرًا واسع النطاق على المستويين الإقليمي والدولي. في السنوات الأخيرة، برزت إشارات توحي بإمكانية تغيير طبيعة العلاقة بين البلدين،
خاصة من خلال مفاوضات الاتفاق النووي أو رسائل تهدئة متبادلة. يبدو أن هناك مصلحة مشتركة للبحث عن صيغة جديدة للتعامل، حيث يسعى كل طرف إلى تحقيق مكاسب استراتيجية واقتصادية. بالنسبة لإيران،
فإن اقتصادها المتضرر بفعل العقوبات الغربية يدفعها للبحث عن استثمارات أجنبية، بما في ذلك الاستثمارات الأمريكية، وذلك كجزء من استراتيجية لتخفيف العداء وبناء أرضية تعاون مشترك. أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن التنافس مع الصين يشكل أحد أولويات سياستها الخارجية.
إذا تمكنت واشنطن من إيجاد موطئ قدم اقتصادي واستراتيجي في إيران، فإنها قد تتمكن من تقليص النفوذ الصيني في الشرق الأوسط. في حال شهدنا تسوية الخلافات بين البلدين، فإن استثمارات أمريكية في إيران قد تعيد تشكيل التوازنات في المنطقة. الموارد الطبيعية الهائلة لإيران وسوقها الداخلي الكبير يجعلانها هدفًا جذابًا للشركات العالمية،
وقد يؤدي دخول رأس المال الأمريكي إلى إعادة هيكلة الاقتصاد الإيراني وتخفيف آثار العقوبات عبر تطوير البنية التحتية وتحديث الصناعات المحلية، خاصة في مجالات الطاقة والذكاء الاصطناعي. دخول الشركات الأمريكية إلى إيران قد يوجه ضربة استراتيجية للصين التي تُعَدّ شريكًا اقتصاديًا رئيسيًا لطهران. هذا التحول قد يخفف من اعتماد إيران على الصين ويعزز العلاقات الإيرانية-الأمريكية. كما أن ذلك قد يؤثر على دول المنطقة،
حيث ستضطر دول الخليج وإسرائيل إلى إعادة النظر في مواقفها بناءً على التطورات الجديدة. ومع ذلك، فإن هذا السيناريو يواجه عقبات كبيرة، منها المعارضة الداخلية في الولايات المتحدة، حيث قد ترفض اللوبيات المؤثرة والكونغرس أي تعاون اقتصادي مع إيران. إضافة إلى ذلك،
فإن انعدام الثقة المتبادل بين البلدين يُعَد تحديًا كبيرًا، بجانب الضغوط الإقليمية التي قد تُمارَس من حلفاء أمريكا في المنطقة، مثل إسرائيل والسعودية. رغم هذه التحديات، فإن أي استثمار أمريكي في إيران سيُعتبر تحولًا نوعيًا في السياسة الخارجية الأمريكية،
خاصة إذا ارتبط باستراتيجية أوسع لتحجيم النفوذ الصيني. العلاقة بين إيران وأمريكا مليئة بالمفاجآت، وما كان مستبعدًا في الماضي قد يصبح ممكنًا إذا التقت المصالح وتغيرت الحسابات الاستراتيجية.