الأحد - 27 ابريل 2025

💎جواهر عَلَويَّةٌ: مَنْ لَمْ يَكُنْ هَمُّهُ ما عِنْدَ اللهِ لَمْ يُدْرِكْ مُناهُ..!

منذ أسبوعين
الأحد - 27 ابريل 2025

السيد بلال وهبي ـ لبنان ||

 

📢 رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “مَنْ لَمْ يَكُنْ هَمُّهُ ما عِنْدَ اللهِ لَمْ يُدْرِكْ مُناهُ”

هذه معادلة تربط بين اهتمام الإنسان بغير الله وإخفاقه في تحقيق أمانيه، وفيها تجسيد للرؤية الإيمانية للعلاقة بين العبد وربّه، وفيها أيضا دعوة للإنسان لتحديد غاياته الكبرى، وترتيب أولوياته على أساس ذلك التحديد، بحيث تكون غايته القصوى هي الرغبة بما عند الله وطلب ما لديه، والإقبال عليه سبحانه وعدم الانشغال بما سواه من متاع زائل.

تفصيلاً لما سبق ينبغي أن نمرَّ بإيجاز على مراد الإمام (ع) من جملة “مَنْ لَمْ يَكُنْ هَمُّهُ ما عِنْدَ اللهِ” فالهَمّ: هو الاهتمام الباطني، والجهد الفكري والعملي، الذي يُشغِل بال الإنسان، ويوجِّهه نحو هدفه، ومنه: الهِمَّة، وعُلَوُّ الهِمَّة، ومعناهما الغايات السامية التي يطمح الإنسان إلى بلوغها، وأما المراد بما عند الله، فهو رضوانه، ومحبته، والقرب منه، والأجر الأخروي، والجَّنة، وسوى ذلك من الغايات العُليا، وهي غاياتٌ دائمةٌ لا تفنى.

المعادلة التي بين أيدينا تشير إلى أن من لا يُركِّز اهتمامه على الغايات الإلهية، لن يصل إلى مُناه (أهدافه الحقيقية)، لأن السعي الدنيويّ يُفقِدُ الإنسان الاتزان الروحي ويُبعده عن الفلاح الحقيقي، فالإنسان خُلق لعبادة الله،

كما جاء في القرآن: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴿الذاريات: 56﴾.

والحق إن الإنشغال عن الله تعالى بغايات دنيوية زائلة، لا يحول دون إدراك الإنسان ما يتمنّاه وحسب، بل يُفضي به إلى حياة مأساوية تعِسَة ضالَّة مشحونة بالضغوط والهموم، يضرب الإنسان فيها في ظلام، لا يرى بصيصاً من الأمل والرجاء،

وهذا ما حذَّر الله تعالى منه بقوله: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ ﴿طه: 124﴾

إن الحياة المقطوعة الصِّلة بالله ضَنَك مهما يكن فيها من سَعَة ومتاع، إنه ضَنَك الضلال، والضياع، وضَنَك الحَيْرة والقلق والشك، وضنك الهَلَع والجزع، وضنك الطمع والرغبات التي لا تنتهي، وضنك الحسرة على ما يفوت، فأي حياة هذه، وأين الطمأنينة التي يحتاجها الإنسان ويبذل كل شيء ليبلغها؟

القلب لا يمكن أن يشعر بالطمأنينة الحقيقية إلا في رحاب الله وظِلِّه والكَونِ في كنفه ورعايته، وما يحسّ الإنسان بالثقة والسلام النفسي إلا وهو مستمسك بعروة الله الوثقى التي لا انفصام لها.

إن الذي يجعل الله والقرب منه غايته القصوى والأهم، ويبذل جهده في السير إليها يكسب دنياه وآخرته، ويعيش الرضا فيهما، ولا يجزع على شيء لم ينله في الدنيا، بل تتضاءل الدنيا في عينه وتصغر حتى لا يراها شيئاً، وإن عاش فيها ببدنه فإنه يعيش في ذات اللحظة في الآخرة بروحه.

فليَكُن هَمُّنا ما عند الله، فهو الضّامن الوحيد للسعادة الحقيقية.

فجر يوم الثلاثاء الواقع في: 15/4/2025 الساعة (04:55)