الجمعة - 16 مايو 2025

عندما تختلط البداوة بالتمدنِّ: أزمة الهوية الاجتماعية والتنظيم..!

منذ 3 أسابيع
الجمعة - 16 مايو 2025

✍نزار الحبيب ٢١/٤/٢٠٢٥

 

إنَّ اختلاط البداوة بالتمدنِّ يُمثل ظاهرة اجتماعية مركبة تُفرز الكثير من التحديات على المستوى الثقافي والتنظيمي. في المجتمعات التي تتسم بمزيج غير متجانس بين البداوة – التي تعكس أصالة وقيمًا متجذرة في التراث – وبين المدنِّي، الذي يعبر عن تراجع القيم والتنظيم، يُمكن أن تُنتج حالة من الفوضى تعكس هشاشة البنية المجتمعية وعدم قدرتها على التكيف مع التحديات العصرية.

البداوة: أصالة وتاريخ

البداوة تُجسد منظومة قيمية متكاملة تعتمد على الشجاعة، الكرم، والإحساس بالمجتمع. هي ثقافة تعتمد على التقاليد والعادات المتوارثة عبر الأجيال، وتُشكل جزءًا مهمًا من الهوية الثقافية لكثير من المجتمعات. لكنها، في الوقت ذاته، قد تكون عُرضة لفقدان أصالتها عند مواجهتها مظاهر الحداثة المشوهة أو التدني في القيم المجتمعية.

المدنِّي: تهديد للهوية والتنظيم

المدنِّي لا يعني الحداثة أو التقدم، بل يُشير إلى التراجع في القيم الأخلاقية والاجتماعية، وفقدان المعايير التي تُنظم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية. إنه يمثل حالة من التفكك التي تُفرز الفوضى وتُضعف الشعور بالمسؤولية المجتمعية.

الهجين المجتمعي: بين الفوضى وفقدان الهوية

عندما تختلط البداوة بالتمدنِّ، تُصبح النتيجة مجتمعًا هجينًا غير متجانس. هذا المجتمع يفقد توازنه بين القيم الأصيلة والتطور المنظم. البداوة، في هذه الحالة، تُصبح مجرد قشرة سطحية تفقد جوهرها، بينما يغرق المدنِّي في عشوائية تُفقد المجتمع قدرته على العمل المشترك والتنظيم.

كيف نمنع الفوضى؟

لمنع هذه الظاهرة، لا بد من اتخاذ خطوات جوهرية تستند إلى تعزيز القيم الأصيلة التي تُعزز من وحدة المجتمع، مع العمل على بناء مؤسسات قوية قادرة على توجيه الحداثة في إطار منظَّم. التربية والتعليم هما الأساس في هذا الإطار، إذ يُسهمان في ترسيخ القيم الصحيحة وتعزيز الهوية الثقافية، مع تقبل التغيير الإيجابي.

خلاصة القول :
اختلاط البداوة بالتمدنِّ يمثل تحديًا خطيرًا لأي مجتمع. الفوضى التي تنتج عن هذا الخليط لا تهدد فقط الهوية الثقافية، بل تُضعف أسس التنمية والتطور. الحل يكمن في بناء جسر متوازن بين الأصالة والتقدم، بحيث يتمكن المجتمع من الحفاظ على جذوره مع السير بخطى ثابتة نحو مستقبل منظم ومستقر.