ما الذي أغضب نتنياهو من رسم بياني على موقع قائد الثورة؟!
أسامة القاضي||
قبل ايام ظهر رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حربه يسرائيل كاتز على انقاض منطقة في شمال غزة، وكان غاضبا بشكل ملحوظ، وتبين فيما بعد من كلامه ان سبب غضبه هو رسم بياني نشره القسم الدولي في موقع قائد الثورة الاسلامية السيد على خامنئي يوضح الاسباب التي تحتم زوال الكيان الاسرائيلي.
واللافت انه ربط وبشكل خبيث الرسم البياني بالمفاوضات النووية غير المباشرة التي تجري بين ايران وامريكا حول البرنامج النووي الايراني السلمي.
مجرم الحرب نتنياهو، لم يتطرق في حديثه عن الاسباب التي تحتم زوال كيانه، والذي تضمنه الرسم البياني المنشور على موقع قائد الثورة الاسلامية، وحاول وبشكل فاضح ان يتجاوز كل تلك الاسباب والظهور بمظهر الضحية وبأن هناك من يريد ازالت كيانه، بينما امريكا تتفاوض مع تلك الجهة التي تريد محو كيانه، في محاولة يائسة بائسة لوضع العصي في عجلة المفاوضات النووية، وكذلك للتغطية على الوجه الاجرامي والاستعماري والعنصري القبيح لكيانه القاتل الذي بات منفورا حتى من الشعوب الغربية وفي مقدمتها الشعب الامريكي.
نتنياهو اظهر الرسم البياني دون ان يتطرق الى الاسباب التي تضمنها الرسم والتي سترسم نهاية هذا الكيان، مكتفيا بالاشارة الى العنوان فقط، لذلك سنمر مرورا سريعا على ما تضمن الرسم البياني من اسباب، والتي لا يمكن ان تجتمع في اي بل طبيعي في العالم، الا في الكيان الاسرائيلي المزيف، وقد ظهرت حقيقة هذا التزييف، وبشكل لا لبس فيه بعد معركة طوفان الاقصى، الذي اظهر الكيان وبشكل عار، انه ليس سوى محمية امريكية، لا يمكن ان تستمر بالوجود دون حماية امريكية مباشرة.
الاسباب التي اشار اليها الرسم البياني، هي حقائق و وقائع واضحة لا لبس فيها، تستند الى احصائيات ووثائق تاريخية وصور حية، تؤكد جميعها على زيف مزاعم الصهاينة وحماتهم، حول الحقوق التاريخية للصهاينة في ارض فلسطين المحتلة، وان الكيان الاسرائيلي المصطنع، هو الديمقراطية الوحيدة في منطقة متخلفة، وان الكيان هو ضحية مؤامرات تستهدفه من جيرانه، وان على العالم الحر ان يدعم هذا “الكيان الديمقراطي” من خطر الزوال.
اما الاسباب التي سترسم نهاية هذا الكيان كما جاء في الرسم البياني، فهي وبإختصار، مايلي:
الكيان الاسرائيلي لم يكن له وجود قبل عام 1948، وظهر فجأة بدعم من الاستعمار البريطاني، وكانت بداية تاسيسه قائمة على تدمير اكثر من 500 قرية وتهجير اكثر من 750 فلسطيني من ارضهم وارض اجدادهم، من قبل العصابات الصهيونية المسلحة والمدعومة من الاستعمار البريطاني. وبعد هذه النكبة تمدد السرطان الصهيوني ليبتلع القدس والضفة والجولان وسيناء. واليوم ويواصل هذا الكيان ابتلاع الاراضي العربية في سوريا ولبنان، بعدم امريكي غربي صارخ، فهو كيان قائم على الاحتلال والقتل والتدمير والتخريب.
الكيان الاسرائيلي قام على تهجير 6 ملايين فلسطيني ينتشرون اليوم في العالم، وهو تهجير ليس له مثيل في التاريخ . واليوم يواصل هذا الكيان عمليات تهجير ما تبقى من الفلسطينيين، وبشكل اكثر دموية امام مرآى ومسمع العالم اجمع، بل ويعترف صراحة انه يسعى لتهجير او قتل مليونين ونصف المليون من سكنة غزة، بدعم وتحريض امريكي، وعلى العالم اما ام يستقبل من تبقى منهم، او يكون شاهدا على قتلهم.
الكيان الاسرائيلي قائم على نظام فصل عنصري صريح ومعلن، فالكيان سن قوانين تؤكد جميعها على يهودية الكيان، ولا مستقبل لاي شخص في هذا الكيان لا ينتمي الى الديانة اليهودية، وهي قوانين تمهد لافراغ فلسطين المحتلة مما تبقى من الفلسطينيين، عبر التضييق عليهم ومحاصرتهم وتجويعهم واحتقارهم والتعامل معهم بفوقية منفرة وبغيضة.
الكيان الاسرائيلي لم يحترم يوما اي اتفاق وقعه حتى من الانظمة العربية التي طبعت معه، ولا حتى الاتفاقيات التي وقعها مع السلطة الفلسطينية، فقد انتهكها جميعا، واخرها اتفاقية كامب ديفيد. اما اتفاقيات اوسلو فلم تكن سوى حبر على ورق، وقد وصلت الانتهاكات الصهيونية ذروتها، مع لبنان، فهو من جانب يستجدي وقف اطلاق النار مع لبنان بعد معركة طوفان الاقصى، ومن جانب اخر انتهك وقف اطلاق النار نحو 3000 مرة، ومازال يحتل ارض لبنانية. امام قرارات مجلس الامن الدولي منذ زرع هذا الكيان في قلب العالم الاسلامي وحتى اليوم، لم تردع هذا الكيان، الذي تجاهلها بالكامل.
الكيان الاسرائيلي كيان اجرامي متوحش قاتل وسادي، ولسنا هنا في وارد الحديث عن مجازره وجرائمة ضد الفلسطينيين في ظل الاحتلال البريطاني لفلسطين، فهي تحتاج الى تسويد مئات الصفحات، لذلك نتمنى على القارىء الى يجلس لدقائق معدودة امام شاشات التلفاز ليرى فظائع هذا الكيان بالصوت والصورة، بحق الاطفال والنساء والشيوخ والمرضى والمستشفيات ودور الحضانة والمدارس والجوامع والكنائس ومخيمات اللاجئين، في غزة، والتي حركت الضمير العالمي وهزته، الامر الذي دفع ولاول مرة المحكمة الجنائية الدولية لاصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وعصابته كمجرمي حرب.
الكيان الاسرائيلي هو كيان ارهابي يمارس الارهاب المنظم في مختلف انحاء العالم، فهو لا يقيم اي وزن لا للدول ولا للقوانين الدولية ولا للقيم الاخلاقية والانسانية، فسجله في عمليات الاغتيال السياسيين والاكاديميين والشعراء والرسامين والعلماء والفنانيين والصحفيين و.. من مختلف القوميات والاديان، في جميع انحاء العالم، هو سجل متضخم. واللافت انه ورغم كل ذلك لم يقدم اي صهيوني للمحاكمة، او ان يتم فرض عقوبات على هذا الكيان من قبل الدول التي وقعت فيها تلك الجرائم!.
الكيان الاسرائيلي، هو الكيان الوحيد في العالم يعلن جهارا نهارا انه قد يستخدم سلاحه النووي ضد من يعتبرهم اعداءه، دون ان نرى او نسمع جهة دولية تندد بهذه التهديدات المجنونة. واللافت ان هذا الكيان الارهابي هو الجهة الوحيدة في منطقتنا يمتلك السلاح النووي، ويرفض الانضمام الى معاهدة منع الانتشار النووي، ويمنع اي رقابة دولية على ترسانته النووية. كما استخدم اليورانيوم المنضب في عدوانه على لبنان، واستخدام السلاح المحرم دوليا في اغلب حروبة ضد الفلسطينيين والعرب، وقام بدفن المئات من الاسرى المصريين في صحراء سيناء وهم احياء.
اخيرا، ما كان بمقدور هذا الكيان، ان يرتكب مثل هذه الفظائع، وان يرى نفسه فوق القانون وفوق المحاسبة، لولا الدعم الامريكي والغربي، وهو دعم، لم يفضح وحشية هذا الكيان فحسب، بل فضح ايضا حماته الغربيين، الذين كانوا يعتبرون هذا الكيان امتدادهم الحضاري في قلب العالم الاسلامي، فاذا بهذه الحضارة ، حضارة متوحشة مفترسة ليس في قاموسها معنى للانسانية، لذلك فإن منطق الاشياء يؤكد ان مثل هذا الكيان اللا طبيعي والمصطنع والمزيف يحمل بالضرورة اسباب زواله في داخله، وهذا بالضبط ما اغضب نتنياهو.