الجمعة - 16 مايو 2025

بعد إنفتاحه على إتفاقيات التطبيع..هل تُشبع تنازلات الجولاني جشع واشنطن؟!

منذ 3 أسابيع
الجمعة - 16 مايو 2025

أسامة القاضي ||

 

الرسائل المتبادلة بين السلطات السورية الجديدة والادارة الامريكية، حول شروط الاخيرة لتطبيع العلاقات مع الاولى ولرفع الحظر عنها، ما كان ليخطر ببال اي مراقب سياسي قبل خمسة اشهر، اي قبل سقوط نظام بشار الاسد، فمن الصعب تصور ان تنضم سوريا لمجموعة الانظمة العربية الدائرة بالفلك الامريكي، بل والمطبعة مع الكيان الاسرائيلي الارهابي.

اول من كشف عن هذه الرسائل ومضمونها هي الأميركية ناتاشا فرانشيسكي نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون بلاد الشام وسوريا، عندما سلمت وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في لقاء جمعهما على هامش مؤتمر المانحين لسوريا في بروكسل في 18 مارس/آذار الماضي، رسالة تضم قائمة بـ8 شروط لتطبيع العلاقات مع سوريا.

وفي الوثيقة المكونة من أربع صفحات، تتعهد سوريا بإنشاء مكتب اتصال في وزارة الخارجية مهمته البحث عن الصحافي الأميركي المفقود أوستن تايس، كما تورد بالتفصيل إجراءاتها للتعامل مع مخزونات الأسلحة الكيميائية، ومنها تعزيز روابط الاتصال مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية.

رغم ان تفاصيل الرسالة الامريكية والرد السوري عليها، مازالت غامضة، او يراد لها ان تكون غامضة، الا ان الكلمة التي القاها وزير الخارجية السوري اسعد الشيباني امام مجلس الامن والتي اعلن فيها صراحة ان حكومته أعلنت مرارا التزامها بألا “تشكل تهديدا لأي دول في المنطقة والعالم، بما فيها إسرائيل”، ازاحت عن جانب كبير من الغموض المتعمد الذي حاول الجانبان تسويقه.

تصريحات الشيباني اكدت بدورها ما كشف عنه النائب في الكونغرس الأميركي مارلين شتوتسمان الذي أكد استعداد الجولاني لتطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، وذلك خلال لقائه به في دمشق مؤخرا. واضاف إن الجولاني “منفتح على الانضمام إلى اتفاقيات آبراهام التي قد تؤدي إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل ودول الشرق الأوسط الأخرى”.

اللافت ايضا ان الرسالة السورية التي جاءت ردا على الرسالة الامريكية وما تضمنتها من شروط، ذكرت ان الجولاني شكل لجنة خاصة لمراقبة أنشطة الفصائل المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة ولن يُسمح لها بالعمل داخل سوريا، ويبدو ان “المراقبة” المقصودة في الرسالة و “الفصائل” المقصودة في الرسالة، محصورتان بمراقبة الفصائل الفلسطينية فقط، فبعد ايام قليلة القت السلطات السورية القبض على قياديَّين في “سرايا القدس”، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، في إطار حملة تضييق مستمرة على نشاط فصائل المقاومة الفلسطينية، الامر الذي يكشف ان طرد هذه الفصائل حصرا هي أحد الشروط الأميركية.

واللافت اكثرا، ان الجماعات الارهابية الاجنبية التي دخلت سوريا عبر تركيا، لم تضعها السلطات السورية في دائرة الجماعات المسلحة المطلوب مراقبتها او التضييق عليها، ففي مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، قال الجولاني انه وافق على اغلب الشروط الامريكية، وبقي الجدل قائما، في ما يبدو، حول مصير المقاتلين الأجانب الموجودين في سوريا، والذين تطالب واشنطن بإبعادهم عن المناصب القيادية، لذلك تقرر منح الجنسية السورية للمقاتلين الأجانب المقيمين في سوريا منذ سنوات، والذين شاركوا في القتال!.

رغم كل هذه التنازلات من جانب حكومة الجولاني، كعدم تهديد “اسرائيل” بل والتطبيع معها، والتضييق على الفلسطيين وطردهم او اعتقالهم، وضمان حرية حركة القوات الأمريكية في سوريا، ومنع وصول اي سلاح للمقاومة عبر الاراضي السورية، واتخاذ موقف مناهض من ايران، الا ان امريكا مازالت تطمع بالكثير، ولا ندري هل توجد فعلا خطوط حمراء ستقف عندها حكومة الجولاني عن تقديم التنازلات ام لا؟.

ونحن نكتب هذه السطور، شهد ريف القنيطرة الشمالي والأوسط جنوب غرب سوريا توغلا لقوات الكيان الإسرائيلي، حيث دخلت آليات عسكرية إلى أطراف بلدة جباتا الخشب وأوفانيا والبيضة والصمدانية الغربية، وحذر الاحتلال السوريين من الاقتراب من سد المنطرة، ونصبت لافتات باللغة العربية تتوعد كل ما يجرؤ على الاقتراب من الطريق المؤدي إلى سد المنطرة أكبر السدود المائية جنوب سوريا.

وتأتي هذه التحركات في ظل تعزيزات لقوات الاحتلال في مرتفعات جبل الشيخ حيث يكثف جيش الاحتلال تحركاته لاستثمار فصل الصيف بهدف إتمام عملية انتشار مستدام لقواته للوصول إلى فرض سيطرة فعلية على كامل الجزء السوري من الجبل، وتشير المعطيات إلى أن الكيان ينوي نشر فرقة عسكرية كاملة في المنطقة بعد إتمام بناء قاعدة للطيران المروحي بمحاذاة المرصد العسكري.

كل ذلك يحدث ودمشق لا تحر ك ساكنا، والغريب ان امريكا تطلب منها المزيد من التنازلات، وفي مقدمتها الا تهدد “اسرائيل”!!؟.