هل ينجح العراق في ظل تداعيات التقلبات النفطية العالمية؟!
قاسم الغراوي ||
كاتب وصحفي
بينما يحذر الخبراء من مخاطر الاعتماد الأحادي على النفط، يراهن مستشارون حكوميون على احتياطيات العملة الأجنبية كدرع واقية. فهل ينجح العراق في تحدي التوقعات القاتمة، أم يغرق في مستنقع التقلبات النفطية؟
تُظهر أرقام صندوق النقد الدولي (IMF) في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي – إبريل 2025 أن الاقتصاد العراقي ذاهبٌ إلى انكماش بنسبة 1.5٪ في عام 2025، بعد أن كان متوقعاً أن ينمو هامشياً في 2024؛ وهو أكبر تراجع منذ سنوات، ويُعزى ذلك بشكل أساسي إلى:
1. تراجع أسعار النفط بفعل تداعيات الحرب التجارية ووفرة المعروض، حيث هبطت أسعار خام برنت إلى مستويات دون 60 دولارًا للبرميل في بعض الجلسات، ما يقلص إيرادات التصدير بشكل حاد .
2. انخفاض الطلب العالمي مع تزايد المخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي، خصوصاً في الصين وأوروبا، وهما أكبر مستهلكي النفط العراقي
الدرع الاحتياطي: احتياطيات العملة الأجنبية
• حجم الاحتياطات
بلغت الاحتياطات الدولية (باستثناء الذهب) نحو 99 مليار دولار بنهاية 2024، وفق بيانات البنك الدولي .
• غطاء الواردات
تغطي هذه الاحتياطات أكثر من 12 شهراً من فاتورة الواردات السنوية (حوالي 69 مليار دولار في 2022) .
رغم أن هذا الغطاء يبدو مرتفعاً، فإن استنزاف الاحتياطي تحت ضغوط تمويلية يقوض القدرة على الاستجابة لأي صدمة جديدة
عوامل نجاح التحدي أو مخاطر الفشل
1. إصلاحات هيكلية واتساع قاعدة الإيرادات
• توسيع القاعدة الضريبية (ضريبة دخل، ضريبة قيمة مضافة) والحد من التهرب الضريبي.
• تطوير القطاع غير النفطي (زراعة، صناعة، خدمات تقنية) عبر حوافز للاستثمار الأجنبي والمحلي.
• تحسين بيئة الأعمال (مكافحة الفساد، تبسيط إجراءات التأسيس).
2. تعافي إنتاج النفط وتعزيز القيمة المضافة
• زيادة طاقة الإنتاج إلى ما يقارب 4.4 مليون برميل يومياً بحلول 2026.
• الاستثمار في مصافي التكرير والبتروكيماويات لرفع إيرادات ما بعد البيع .
3. إدارة الاحتياطي ومخاطر الصرف
• استخدام أدوات التحوط (عقود آجلة وخيارات) لتثبيت أسعار الصرف وتقليل أثر تقلبات النفط.
• تنويع محفظة الاحتياطي (عملات بديلة، سندات دولية، استثمارات منتجة).
4. دعم خارجي ومؤسسي
• متابعة برامج التعاون مع المؤسسات الدولية (IMF، البنك الدولي) للحصول على دعم فني ومالي بشروط ملائمة.
• تنسيق السياسات المالية والنقدية مع شركاء إقليميين ودوليين لتجنب تقلبات مفرطة.
بينما توفر احتياطات العراق من العملة الأجنبية درعاً مؤقتاً أمام صدمة تراجع أسعار النفط، فإن الاستمرار في الاعتماد الأحادي على النفط من دون إصلاحات هيكلية يضعف القدرة على الصمود، وقد يؤدي إلى استنزاف سريع للاحتياطي.
لنجاح التحدي، يحتاج العراق إلى:
• تسريع الإصلاحات المالية والضريبية.
• تنويع الاقتصاد وتنمية القطاعات غير النفطية.
• إدارة الاحتياطات باحترافية عبر أدوات تحوط واستثمارات منتجة.
فقط بهذا المسار المتوازن يمكن أن يتحول الدرع الاحتياطي إلى قاعدة صلبة للاستقرار والنمو المستدام بدل أن يصبح مستنقع الاعتماد الواحد على تقلبات النفط.
2025/4/27
https://t.me/+dshAlnqux-llYjUy