الجمعة - 02 مايو 2025
الجمعة - 02 مايو 2025

سالم رحيم عبد الحسن ||
30/4/2025

 

 

بعد طول انتظار، وبعد أن كدت أفقد الأمل في أن ما أكتبه قد يُجدي نفعًا أو يصل إلى من يقدّره، وجدت نفسي محاطًا بجدار من الإحباطات. كم مرة سمعت من أصدقاء كُثر تلك الجملة التي باتت تتردد كالحكم المُحبِطة: “لا أحد يقرأ… الناس لا وقت لديهم، ولا مزاج للقراءة،

لقد سئموا الحياة وتعبوا من مشاق العيش، من غلاء المعيشة، ومن الفساد الذي تفشى في كل زاوية، لا سيما في الطبقة السياسية، ناهيك عن الفوضى التي أصبحت مظهرًا عامًا في مجتمع قبِل بالجهل والتخلف مرغمًا أو مستسلِمًا.”

ورغم ذلك، لم أتخلّ عن قلمي. فالكتابة بالنسبة لي ليست ترفًا، بل وجعٌ أعيشه في كل حرف، ومخاضٌ قاسٍ لا يشعر بمرارته إلا من كابده.

وذات يوم، وفي لحظة كأنها ومضة نور في عتمة يأسٍ طويل، اقترب مني رجل وقور، ممن ألتقيهم أحيانًا في مكان عملي، وهو مدير وحدة إدارية مرموقة. ناداني باسمي

قائلًا بابتسامة صادقة:
“أستاذ سالم، خوش تقصف!”
ثم أردف بنبرة صادقة، خلط فيها الأسى بالأمل:
“بس كون تلقى من يسمعك…”
عندها، امتلأ قلبي بالامتنان، وقلت له:

الحمد لله، لقد وجدت من يقرأ لي، ويصل إليه صوتي، ويسمعني… وأنت أحدهم، لله الحمد. لم يذهب جهدي سُدى، ولم تُهدر معاناتي في بحور الكلمات التي لا يشعر بثقلها إلا من نحتها من وجعه وأمله.

أنا أكتب لأمثالك، وأتمنى أن يكون في هذا البلد مسؤولون مثلك، يتابعون ما يُكتب ويتفاعلون معه بصدق وشعور بالمسؤولية. لقد أيقنت أخيرًا أن الكتابة ليست صدى في فراغ، بل قد تجد طريقها إلى قلبٍ واحدٍ فقط، وهذا وحده يكفي لتستمر، ويزهر الحرف، ويثمر .