خطر ترامب القادم والرد العراقي المقاوم..!
إنتصار الماهود ||
تحركات ترامب في المنطقة تثير القلق، وربما تمثل تهديداً واقعياً لسيادة العراق ولوجود المقاومة الإسلامية، فلترامب سجل تأريخي عدواني تجاه العراق خاصة في ملف إستهداف القائدين، جمال جعفر ابو مهدي المهندس والجنرال قاسم سليماني، والذي أعترف بموافقته العلنية لاغتيالهما على أرض العراق عام 2020.
كذلك تهديداته المستمرة لفصائل المقاومة العراقية، والتي أعتبرها (إرهابية)، وضغوطاته المتكررة عبر أذرعه الخليجية والإقليمية والداخلية، لحل الحشد الشعبي وتحييد قوته المطلقة.
أما دوليا ترامب في فترته الرئاسية السابقة، كان قد إعترف بالقدس عاصمة للصهاينة ودعم كل السياسات الصهيونية المتطرفة ضد الفلسطينيين، كما أنه يتبع (سياسة أمريكا أولا)، بمعناها العدواني من فرض الهيمنة بالقوة وهو يحاول بكل الطرق إعادة نشر القوات الأمريكية في المنطقة والعراق، بحجة مواجهة الإرهاب وهو يعرف جيدا أن أمريكا هي راعية الإرهاب الأولى في العالم.
وكالعادة حينما يبدأ ترامب بتوليه للحكم كما في فترته الرئاسية السابقة، يبدأ بسلسلة من الجولات المكوكية للمنطقة، للحصول على الأدوات السياسية والاقتصادية، ودائماً ما يبدأ بالخاصرة العربية الأضعف وهي، (البقرة الحلوب الخضراء) وقد تمخضت عن زيارة ترامب الأخيرة للسعودية تنازلات وانبطاحات عدة، يمكن أن نلخصها بنقاط ومن ثم نربطها بما سيحدث في العراق.
أولا ::
ما هي التنازلات التي قدمتها بقرتنا الحلوب الخليجية الوديعة لترامب ؟؟
لقد تم توقيع اتفاقيات عدة بين الجانب السعودي والجانب الأمريكي، من ضمنها إتفاق دفاعي بقيمة 142 مليار دولار، حيث وقعت السعودية أكبر صفقة لشراء الأسلحة في تأريخ الولايات المتحدة، تشمل أنظمة دفاع جوي متطور وقدرات فضائية وأمن حدودي وساحلي وتدريب عسكري موسع.
إضافة الى إلتزام إستثماري سعودي بقيمة 600 مليار دولار في مجال الذكاء الإصطناعي، والصناعات الدفاعية والطاقة والبنية التحتية، أما في الجانب التجاري فقد تم توقيع إستثمار سعودي بقيمة 20 مليار دولار في مراكز بيانات الذكاء الإصطناعي، في الولايات المتحدة إضافة لشراكة تقنية مع شركات عالمية كبرى، وشراء 30 طائرة بوينج أمريكية 7 3 7 بقيمة 480 مليار دولار.
ربما البعض يرى أن هذا شأن دولي ثنائي ولا علاقة للعراق لا من قريب ولا من بعيد، لكن لنحلل الأمر معا ، كيف هي الانعكاسات المحتملة على العراق وماذا سيحدث لو لم يتخذ العراق خطوات جدية داخليا ؟
أولا:
تعزيز التحالف الامريكي _السعودي قد يؤدي الى زيادة الضغط على الفصائل في العراق ومحور المقاومة، وهذا ربما سيثير المخاوف من تصعيد التطورات في المنطقة.
ثانياً:
الصفقة الدفاعية قد تدفع دول أخرى بما فيها العراق الى مراجعة إستراتيجياتها الدفاعية، وزيادة الإنفاق العسكري وهذه ربما الأموال قد يحتاجها العراق في مجالات أخرى.
ثالثاً::
إستثمار السعودية مع أمريكا في مجال التكنولوجيا والطاقة، ربما يعيد تشكيل المشهد الاقتصادي والتقني في المنطقة، وهذا سيدفع العراق لتعزيز قدراته في هذه المجالات للحفاظ على تنافسيته، خاصة أن العراق بدأ منذ فترة بخوض مجال التكنولوجيا والأمن السيبراني.
رابعا::
التحركات المتزايدة في المنطقة ربما تهدف أو تفسر إلى أنها محاولة لتقويض السيادة العراقية، وهذا سيدفع الحكومة لاتخاذ خطوات لتعزيز إستقلالها السياسي والعسكري، لذا من المهم أن يكون العراق مراقب ومتابع لتطورات المشهد عن كثب، لإتخاذ أي خطوة إستباقية لضمان المصالح الوطنية.
أما عن العلاقة بين تنازلات السعودية ( بقرتنا الخضراء) لراعي البقر البرتقالي فهي تمهد لعدة أمور ربما يكون منها ::
أولا ::
تمهيد لتحالف صهيوني عربي ضد محور المقاومة خاصة الصفقات الدفاعية الضخمة، والتي تهدف لإرضاء ترامب وكسب حمايته ضد إيران ومحور المقاومة، وهذا التصرف يضع العراق في مرمى الاستهداف السياسي والعسكري، كما أن الفصائل سيتم إستهدافها في العراق بشكل غير مباشر تحت عنوان ( مكافحة النفوذ الإيراني).
ثانياً::
خنق اي تحركات عراقية مستقبلية، حيث نعرف أن السعودية ذراع ترامب المالي والسياسي، لذلك ستعمل عبر أدواتها الإعلامية المأجورة على تشويه صورة الحشد الشعبي والفصائل داخل العراق، ودعم شخصيات سياسية عراقية موالية للنهج الأمريكي الخليجي، ومحاصرة وتفكيك أي تقارب عراقي ايراني أو عراقي لبناني جديد .
ثالثاً::
محاولة سحب العراق لمحور التطبيع والتبعية، وربما سيكون جزءا من هذه التنازلات هو توسيع دائرة التطبيع مع الكيان الصهيوني، بممارسة الضغط على الحكومة العراقية، ( إقتصاديا وإعلاميا) للسير بنفس اتجاه السعودية أو على الأقل، (الحياد السلبي) والذي سيقوض الموقف الشعبي والرسمي الرافض للتطبيع في العراق.
رابعاً::
وهو الأهم تقوية النفوذ الأمريكي في الخليج، للتأثير على العراق عن بعد عبر وجود قواعد أمريكية مدعومة سعوديا، تتيح لواشنطن التحكم في الأجواء العراقية ومراقبتها عبر الخليج، وكذلك تنفيذ عمليات إستخبارية أو حتى ضربات جوية إنطلاقا من قواعد آمنة، دون الحاجة إلى التواجد الفعلي في (العراق)، وردع اي قرار عراقي سياسي يخرج عن الخط الأمريكي السعودي، عبر التهديد باستخدام هذه القواعد عسكرياً وأمنيا.
اذا في ظل هذه المتغيرات غير البعيدة عن الساحة، كيف يستطيع العراق التحسين لمواجهة التقارب المخيف هذا؟؟ والسياسة الأمريكية ـ الصهيونية بأدوات خليجية سعودية ؟؟
1.تحصين الجبهة الداخلية عبر التقليل من الانقسامات، وتعزيز ثقة الشعب بالمؤسسات وتجفيف منابع الفساد لتحصين القرار السيادي السياسي.
2. تعزيز السيادة الوطنية وضبط الوجود الأجنبي خاصة الأمريكي العسكري، وتفعيل الصناعات الدفاعية المحلية وتطوير المنظومة الإستخبارية والأمنية.
3. التوازن في العلاقات الخارجية عبر سياسة حكيمة وعلاقات متوازنة مع الجميع، وفتح قنوات سياسية مع أوربا والصين وروسيا، وتعزيز العلاقات الشراكات الإقتصادية والأمنية، وإستخدامها كورقة ضغط ضد أميركا لخلق محور مواز افقي قوي.
4. إعادة التنسيق وتشكيل تحالفات جادة سياسية وأمنية مع محور المقاومة، وإعادة ترتيب الأولويات والأوراق وتعزيز التنسيق الاستراتيجي، مع دول محور المقاومة ومشاركة التجارب الدفاعية.
5. الاستعداد الإعلامي والثقافي لمواجهة الدعايات الصهيونية والتطبيعية، وتقوية الهوية الوطنية والثقافية المقاومة، والتحرك نحو اعلام تعبوي ذكي وشعبي، عبر بث الوعي الجماهيري حول خطورة الهيمنة الأمريكية الصهيونية، بأدوات خليجية وكشف مخططات التطبيع بشكل موثق.
6. منع الاختراق الثقافي والإعلامي، ومراقبة المحتوى الموجه والممول خاصة، داخل وسائل الإعلام ودعم المنصات الوطنية المقاومة والحكومية.
7. رفع مستوى التنسيق بين الحشد الشعبي والجيش، وتبادل المعلومات الاستخبارية مع القوى الوطنية وإعداد خطط للطوارئ.
8. وهو الاهم تشكيل لجان قانونية دولية للدفاع عن فصائل المقاومة، ورفض تصنيفها كإرهابية وتوثيق أي خرق ضدها ورفعه للمحاكم الدولية المختصة.
اذا تنازلات السعودية لترامب ليست مجرد صفقات، بل هي جزء من منظومة حصار وتطويق إقليمي والعراق، سيكون بحاجة الى قلب هذا الطوق والتخلص منه للحفاظ على وحدته وقراره، لذا فصائل المقاومة والدولة العراقية بحاجة تعزيز السيادة والوعي الاستراتيجي والتحصين الداخلي، لمواجهة هذه المرحلة بذكاء لا بالتصعيد غير المحسوب، فالحرب ليست الحل دوما للفوز بل الردع الذكي المبني على وعي سياسي كامل وتهيئة الارضية الجماهيرية الصحيحة.