الطائفية العمياء.. خنجر مسموم في جسد الأمه وتشكيك في الدين الاسلامي..!
الكاتب والباحث السياسي حسن درباش العامري ||
في زمنٍ كثرت فيه الأزمات وتشابكت الخلافات وتقاطعت السيوف، يظهر التناحر الطائفي كأحد أخطر الأوبئة التي تنخر جسد الأمة الإسلامية من الداخل وتضعفها وتشكك في عقيدتها وفي سماحة الإسلام .
إنه ليس خلافًا فكريًا أو عقائديا أو تنوعًا في الفهم الديني، بل هو معول هدم يهدد وجود الدين وحدة المجتمع (ولد الإسلام غريبا وسيعود يوما غريبا ) بجهل المسلمين وعصبيتهم وانجرافهم مع تيارات دنيويه ومغريات زائلة، ليستنزف الطاقات، ويهدر الحقوق والخيرات، ويُسفك بسببه دمٌ حرام لا يُرضي الله ولا رسوله.
القرآن الكريم حذّرنا من الانقسام والتشرذم، فقال تعالى:
“إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ”
فماذا نسمي واقع المسلمون اليوم في تشرذمهم وتشتتهم والبحث عن ما يفرقعم والاستعانة بالصهاينة على المسلمين ،والله يأمر نبية بأن لست منهم في شئ أي أن الله يقول لنبيه الكريم أنت لست لهم نبيا ولا وليا ولا شفيعا ولا حتى رحمة حين قال وما ارسلناك الا رحمة للعالمين …أن الله سبحانه وتعالى يقول لنبيه لست منهم في شئ وهنا أن الله تعالى يرفع سبب الرحمة من المسلمين الذين يفرقوا دينهم!
فمن يسير في درب الطائفية، يُكذّب دعوته للإسلام، وينقض جوهر الدين الذي بُعث به النبي صلى الله عليه وآله وسلم: دين الرحمة، والعدل، وإصلاح ذات البين.
ما يُثير الأسى أن نسمع من يدّعي الإسلام ويجاهر بالقول: “نحن واليهود اتفقنا على عدو واحد، وهم الشيعة!”
أي ضلالٍ هذا؟!واي انحدار هذا اسفي على أمة الإسلام الذين يتبعون رجال ظاليين ومظلين وأناس لا يفقهون !
هل أصبح العدو هو من ينطق بالشهادتين، ويصلي إلى نفس القبلة، ويصوم معك ويؤمن بكتابك؟
وهل أصبح الحليف هو من يحتل أرضك، ويقتل نساءك وأطفالك، ويهوّد مقدساتك؟! ويحرق قرآنك ويهتك عرضك لتتهم أخاك المسلم الذي ستر عرضك لانه يراه عرضه وحفظ مالك لانه يراه مال أخيه
أكثر من ذلك، تجد من يقول: “نؤيد الصهاينة في قتل الشيعة”، وكأن الدم المسلم أصبح مباحًا إذا خالفك في المذهب! ألم يقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
“إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار”؟
أين ذهبت عقول هؤلاء؟! وكيف يجرؤون على محو الحدود الأخلاقية والإنسانية والدينية بهذا الشكل الفجّ؟
ما جري اليوم في تكريت شاهدٌ على هذه المفارقة. المسلمين يرتكبون أفظع الجرائم بحق الشباب العراقي العزّل في سبايكر ليتم قتل آلاف بدم بارد لتبقى دمائهم تكبر الله ليقتص لهم ليس لشئ إلا لأنهم شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ،
وما يجري اليوم في غزة من قتل وإبادة وتدمير وتجويع والمسلمون يتفرجون ووحدهم الشيعه يناصرون ليقاتلوا الصهاينة بيد ويدفعوا ظلم المسلمين السنة بيد أخرى والعالم بأسره – بما في ذلك شعوب أمريكا وأوروبا – خرج في مظاهرات تندد بهذه الإبادة الجماعية، بينما الأنظمة العربية صامتة، أو في أحسن الأحوال متواطئة، وأصوات النصرة لا تُسمع إلا من أطراف وشرائح في العالم الإسلامي، ومنها من يتبع مذهب أهل البيت، بينما كثير من “إخوانهم” في الدين منشغلون بعداوتهم، لا بنصرة غزة!
أي أمة إسلامية هذه التي أصبح فيها الانتماء المذهبي أهم من الانتماء الإنساني؟ أي إسلامٍ هذا الذي يُحرّض على قتل المسلم، ويبرر دعم من قتل الأنبياء والرسل وأشاع الفساد في الأرض؟ الطائفية ليست فقط خيانة للوحدة الإسلامية، بل خيانة لفلسطين، وخيانة للإسلام نفسه.
إننا بحاجة ماسّة إلى وعي جامع، يعيد للإسلام روحه الحقيقية، ويطهره من خطاب الكراهية والتحريض. نحتاج إلى إحياء الإسلام الذي أراده الله، لا الذي شوهته العصبيات والمصالح.
إسلام يُجمع لا يُفرّق، يُصلح لا يُفسد، يداوي الجراح لا يفتحها.
فلنتذكر دائمًا: كلما تعمقنا في الطائفية، ابتعدنا عن الإسلام.
وكلما اقتربنا من المحبة والعدالة، لنحقق مرضاة الله تعالى واقتربنا من جوهر الدين.