الفيلييون ومأسسة العمل المجتمعي..!

منذ 5 سنوات
الأحد - 12 مايو 2024

طيب العراقي

 

الإحجية مازالت مستعصية التفكيك، فالمعادلة المتقلبة، جعلت قراءة المشهد العراقي صعبة، وإن التحول الديموقراطي المبتور بالإحتلال، جعل إبجديات الديموقراطيات المعتادة، صعبة التطبيق على وضع العراق.

زوال الديكتاتورية التي غيرت معالم الشخصية الوطنية، والطبيعة الإجتماعية العراقية، كان حلما يراود أبناء العراق، ويزداد الحلم وردية، للتفكير ببناء ديموقراطية رصينة، تنتشل الشعب من عميق حفرة التخلف، التي رماهُ فيها نظام البعث، وأن ترتقي تلك الديموقراطية بالبلد، نحو النهوض والتطور.

اصطدمت تلك الديموقراطية المنشودة، بالعقبة الكؤود الأولى، وهي نظام المحاصصة الطائفي والقومي، يضاف اإلى عقبة المحاصصة الطائفية، عقبة أخرى، وهي عقبة المحاصصة الحزبية، حتى في داخل المكون الواحد.

الفيليون وبما يمتلكون من حس وطني مفرط، ربما كان هو السبب الرئيس بفرط تعرضهم لمظلوميتهم الكبرى، لم ينطووا على أنفسهم، ولم يكونوا أحزابهم السياسية الخاصة بهم، بل حتى لم يلجوا العمل المجتمعي المؤسسي بقوة، وإن كانوا يعلمون أن حقوقهم المهضومة، لا يمكن أن تستعاد إلا بتنظيم أنفسهم، على الأقل في مؤسسات ذات طابع مجتمعي، وهم إن فعلوا ذلك ، فقد فعلوه بأدنى من الحد الأدنى بكثير، خشية أن يأتي أحدهم؛ ويصفهم بالإنغلاق والتعصب واإنعزالية القومية!

حتى لا يأتي أحد ويزايد عليهم، فإن الفيليين موجودون اليوم وبمختلف الأحزاب والقوى السياسية العراقية، بل أن كثير منهم، ينشط في الأحزاب السياسية لدول المهجر، من أقصى اليمين الى أقصى اليسار، وتجدهم فاعلين في حزب ديني، وفي آخر علماني، وفي حزب قومي كوردستاني، وفي مثيل له ذا طابع عربي، ولذلك بات من العسير جدا؛ جمع النشطاء السياسيين الفيليين في حزب واحد!

لكي يتجاوز الفيليين تعقيدات السياسة، ويتخلصون من إسقاطاتها السيئة على واقعهم، ويقاومون تشرذمهم الذي يعد أحد اسباب إستمرار مظلوميتهم، عليهم أن يبحثوا عن ما يجمعهم، خارج أسوار السياسة الحصينة العالية.

الأسرة مثال ناصع صالح للمقايسة؛ على ما هو أوسع وأكبر منها، ففي الأسرة  الواحدة؛ يمكنك أن تجد أبناءا مختلفي الرغبات والأمزجة والتوجهات، لكنهم بالنهاية يبقون أخوة، لأنهم ولدوا من رحم واحد، والأمة الفيلية هي أسرتنا الكبيرة، التي يجمعنا إنتمائنا لها تحت خيمتها الوارفة، لكن تنظيم أحوالنا في ظلال هذه الخيمة أمر مندوب وضروري، حتى لا يحصل تزاحم وتصادم على المساحات.

العالم يسير بخطى حثيثة؛ نحو بناء منظومات مؤسسية؛ في مختلف نواحي النشاط الأنساني، ليس لأن ذلك مطلوب بذاته فحسب، ولكن لأن المأسسة تقود نحو التخطيط، والتخطيط بوابة النجاح الصحيحة.

ليس هناك مثل العمل المجتمي المؤسسي، من أسلوب لجمع أبناء الأمة الفيلية، حول محاور محددة متفق عليها، تنسجم مع رغائب الأفراد، وكل حسب تخصصه وميوله!

ما نتمناه ونسعى اليه بقوة، هو أن نرى قريبا، منظمات مجتمعية مختلفة التخصصات؛ تنشط على الساحة الفيلية…منظمة للحقوقيين الفيليين، وأخرى للمهندسين ومثلها للمعلمين، واتحاد للطلاب والشباب، وآخر للمرأة الفيلية، ومنظمات تعنى بالطفولة الفيلية المنتهكة، ومثيل لها تهتم بالشهداء والمضحين، وهكذا في كل زاوية من زوايا مجتمعنا الفيلي؛ بإهتمامات أفراده المتعددة..

عند ذاك نكون قد وضعنا أقدامنا المتعبة، على البدايات الصحيحة لأنتزاع حقوقنا المسلوبة.

كونوا معا..!