الجمعة - 29 مارس 2024

قداسة القضاء وجرائمه

منذ 4 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024



سجاد العسكري ||

قدسته الشرائع السماوية ,والقوانين الوضعية منذ نشأتها الى يومنا هذا , فهو قوة فعالة يلتجأ اليها الضعيف ,والمظلوم …وهو من اسمى المناصب به يسود العدل والاستقرار وحماية المجتمع , وارجاع الحقوق المسلوبة واستيفائها لمستحقيها , وان يعيش الجميع تحت ظله بأمن وسلامة وطمأنينة في المال والجسد والارض ,وتحقيق مصالحهم , نعم انه القضاء فللقضاء اهمية عظيمة لطبيعة المهمة الملقاة على عاتقه فهو قوة مؤثرة وفاعلة لترسيخ اسس العدالة والمساواة.
في الاسلام عد منصب القضاء اعلى منصب بعد امارة المؤمنين ,وذلك لأهميته لدى الناس فبه وبعدالته لايصبح الناس فوضى ,وكما نعلم بأن التنازع والخصومة بين البشر هي سنة الكون طالما فيها الضعيف والقوي, الفقير والغني ,والمظلوم والظالم , والبسيط والمسكين والمتنفذ المتسلط … فمن الطبيعي ان تكون من لوازم البشر التنازع ,وفي كل هذا بحاجة لمن ينصف الضعيف والمظلوم وان ينعم المجتمع باستقرار والا اختل النظام وعمت الفوضى كما نشاهد اليوم في العالم من هيمنة وتسلط الاقوياء الاغنياء على حساب الطبقات الاخرى .
فالقضاء له ثلاثة مهام رئيسية (الفصل, والحماية ,والعدالة) قد تكون هذه اهم مرتكزات او اهداف القضاء سواء كان الحكم اسلامي ام غير اسلامي ولعل الاية القرانية تشير الى هذه المعاني قوله تعالى: «ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها و إذا حكمتهم بين الناس ان تحكموا بالعدل» فمسألة الفصل بين الناس هي امر من الله وهي امانة وحماية المجتمع من منزلقات الحكم بالاهواء والرغبات والرشوة ,وعلى هذا فان الفصل في النزاعات باتباع القوانين يؤدي الى حماية المجتمع من الفوضى ليسود العدل ,وتتجدد ثقة المجتمع والافراد بالقضاء .
وهنا نذكر بحديث للحاكم العادل علي بن ابي طالب حين قال لشريح القاضي:«قد جلست مجلسا لا يجلسه إلا نبي أو وصي نبي أوشقي» فالامام علي ينوه بأن هذا المقام من مقامات الاختصاص اللاهي يهبه لمن يشاء المولى والا كان مدعيه شقي ,وفي حديث للامام علي عن معنى الشقي يقول :(الشقي من انخدع لهواه وغروره) ,وفي حديث اخر عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه قال:(ثلاثة لايخالفهم الا شقي: العالم العامل, واللبيب العاقل, والامام المقسط) اذ نستنتج ان النوع الاخر والذي يبتعد عن الحكم الصحيح والاصلح للمجتمع هو من يحكم بغير علم وتحركه اهوائه وغرائزه ,وفي كثير من الاحيان يحكم بماترغب به السلطة الحاكمة وان خالف تشريع سماوي او قانون وضعي .
فلو أخذنا مثال على انحرافات القضاء في عصرنا هذا داعش والحكم والقضاء لديهم على اساس التكفير واصدار الاحكام بالادانة والتجريم واستعمال القوة المسلحة القسرية ,وهذا التنظيم التكفيري الارهابي يبث رعب الشريعة لألغاء الشريعة السمحاء في الحوار والجدال والتعارف ,فكان ادعائه انه يحكم بشرع الله ,ولكن المظالم والاحكام التي تصدر , والتجاوزات تدحض هذا الادعاء ,والعجيب انهم يأخذون بالنيات لا بالافعال مثلا (عند اعدامهم شاب بتهمة التعاون مع الجيش الحر ,لأن الجيش الحر طلبوا من هذا الشاب تحويل محطة الوقود التي يملكها الى مركز اعتقال داعش ,ورفض بأن هذا المكان لايصلح لهذا الغرض وانتهى ,العجيب انهم اعتبروا كلامه هذا موافقة مبدئية فعلى هذا الاساس تم اعدامه ولم يسلموا جثتة ومنع من دفنه في مقابر المسلمين ), هذا فيض من غيض جرائمهم التي استندت على الحقد والتكفير لمن يقول لااله الاالله محمد رسول الله ومن جرائمهم المذابح والتفجير والقتل في العراق لفريق رياضي او لطلبة جامعيين …
اما مايخص القضاء العراقي بصورة خاصة فانه ليس ببعيد عن الاخطاء والفساد المتفشي بين هذه الطبقة فالجلاد يطلق سراحه والضحية لاحول ولاقوة لها لتموت قهرا , والقضايا كثيرة, فاسدين يسرحون ويمرحون , وقتلة يرجعون ويكافئون , ومحرضين يعينون في اماكن حساسة وفعلا تنطبق علينا المقولة (من امن العقاب أساء الأدب),والعجب كل العجب وجود اعترافات بالصوت والصورة ؟!!!فينطق حكم القضاء عدم كفاية الادلة !!فالنظرية معروفة (نسق ..ادفع ..افراج.. مبارك يحيا العدل) ؟!
هنالك امثال روسية تقول(القاضي والطبيب يقتلان دون أن يعاقبا… ليس القانون هو ما يخشى بل القاضي… لا تخف من العدالة بل من القاضي) نعم القاضي لا القانون – مهنة القاضي – نعم اصبحت مهنة بل من اخطر المهن اليوم , من المفترض يكون السيف الذي يجرد في وجه القوي والباغي, وعلى هذا الاساس يجب ان يكون للقضاء مركزا خاص يؤمن له القيام بمهامه وهو مايدعي بتامين استقلاليته ولا سلطان على احكامه الا القانون ,ولا يكون هذا الا بأختيار شخصيات معروفة بالورع حتى يصدق فينا قول النبي صلى الله عليه واله (ان الله لا يقدس أمة ليس فيهم من يأخذ للضعيف حقه).
متى تسترجع الحقوق , وينتصر الضحية , وصيانة المجتمع ,تكون ثقتنا بقضائنا حين اذن؟!
ــــــــــــــ