الخميس - 28 مارس 2024

عن جيش بريطانيا الألكتروني في العراق

منذ 4 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024



أحمد عبد السادة ||

ما الذي يدفع السفارة البريطانية في العراق لدفع كل هذه المبالغ الطائلة من أجل تجنيد جيش الكتروني مرتبط بها وخاضع لتوجيهاتها؟.
الجواب ببساطة هو ان السفارة البريطانية تعرف – حالها حال دوائر القرار الغربي – بأن الحرب العالمية الحالية هي حرب إلكترونية، كما تعرف بأن مضخات وماكنات السوشيال ميديا بإمكانها تغيير القناعات وصناعة الرأي العام، ولهذا فهي تستخدم السوشيال ميديا لتحقيق أهدافها وتمرير أجنداتها. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: ما هي أهداف وأجندات هذه السفارة؟.
من خلال متابعتي لنشاطات معهد صحافة الحرب والسلام المرتبط بالسفارة البريطانية، ومن خلال رصدي لمنشورات الصفحات المرتبطة بالمعهد كصفحات (الخوة النظيفة) و(عين العراق) و(عين الموصل) و(مجتهد الأنبار) و(يلا) و(خان جغان) و(معقولة) و(ستيفن نبيل) و(حسين تقريبا) وغيرها، أستطيع أن أوجز أهداف المعهد البريطاني والجهات المرتبطة به بالنقاط التالية:
أولا: للمتتبع العادي يبدو نشاط المعهد والصفحات المرتبطة به نشاطا طبيعيا يدعو الى المدنية والتسامح والسلام والمحبة والصفاء.. إلخ، وهو غطاء خادع يخفي أجندات خفية هدفها تزييف الحقيقة تمهيدا لإخفائها، فضلاً عن محاولتها التحكم بالرأي العام من خلال القيام بعمليات تضليل وغسل دماغ منظمة وممنهجة. مثلا قام أصحاب بعض الصفحات المرتبطة بالمعهد بمهاجمتي لأنني قلت في منشور لي بأن داعــــش استهدف المدنيين (الشيعة) في مطعم (فدك) بالناصرية، ومنطلق مهاجمتهم لي هو قولي لكلمة (الشيعة) التي هي برأيهم تصنع فتنة طائفية!، وهذا موقفهم ينسحب مثلا ضد من يقول مثلا بأن مذبحة سبايكر مذبحة طائفية ضحاياها من الشيعة، وضد كل من يحدد هوية الضحايا وهوية القتلة!.
ثانيا: في ضوء النقطة (أولا) اتساءل: لماذا يتحسس المرتبطون بالمعهد البريطاني من كلمات تشير الى الحقيقة المجردة وإلى هوية الضحايا الحقيقية ككلمة (الشيعة)؟، أي لماذا يريدون بشتى الوسائل تزييف الحقيقة بحجة الاخوة والوطنية؟. برأيي أن (تزييف) الحقيقة هنا يلغي هويات الضحايا والقتلة ويصفر حقوق الضحايا، وبالتالي يؤدي ذلك إلى التطبيع (هل تذكركم هذه الكلمة بإسرائيل؟!)، أي تطبيع العلاقات بين الضحايا والقتلة!!.
العالم الذي تصنعه صفحات المعهد البريطاني هو عالم وردي رائق، لا وجود فيه لقتلة وضحايا، ولا حضور فيه لحق أو باطل!. كلنا اخوة!!. أما الذين يقتلون ويفجرون ويقطعون الرؤوس فهم أناس ليس منا وإنما جاؤوا من المريخ!! ولا بأس هنا من توظيف رجل دين مدني (كحسين تقريبا) لتمرير هذه الصورة الخادعة. ولا بأس أيضاً هنا من إطلاق هاشتاگات تبدو إنسانية في ظاهرها لتحقيق هذا الهدف كهاشتاك (خل نتصافى)!!. التطبيع هو الهدف، وما دمنا نطبع العلاقات حتى مع قتلتنا وأعدائنا فلماذا إذن لا نطبعها مع إسرائيل؟!.
ثالثا: لماذا أصر على إقحام كلمة (إسرائيل) في الموضوع؟. هل أريد مثلا أن أقول بأن الممولين من المعهد هم عملاء لاسرائيل؟. كلا بالتأكيد. هذه تهمة ظالمة وكبيرة على مجموعة مدونين مساكين يفكرون بالرواتب الخضراء فقط، بل أشير أنا لإسرائيل بسبب علاقة بريطانيا التاريخية مع الكيان الاسرائيلي، وبالتالي فإن بريطانيا ستبقى داعمة لهذا الكيان الذي أنشأته، وهي تصدر التوجيهات بشأن ذلك، والدليل ان كل الصفحات الممولة من المعهد لم تنتقد أبدا رفع الأعلام الإسرائيلية في أربيل قبل استفتاء البارزاني الانفصالي!!.
رابعا: من الواضح جدا أن صفحات المعهد تروج لمحور معين مقرب لبريطانيا واسرائيل، وهذا الترويج يشمل بالتأكيد السعودية التي تنتمي لهذا المحور، وقد لاحظنا كيف روجت وطبلت تلك الصفحات للسعودية ولهبوط أول طائرة تابعة للخطوط الجوية السعودية في مطار بغداد بتاريخ 19 تشرين الأول 2017 بعد قطيعة دامت لـ27 سنة، ولاحظنا كذلك كيف روجت تلك الصفحات للوفد السعودي القادم على متن هذه الطائرة، كما أن هذا الترويج شمل شخصيات سياسية منخرطة ضمن المحور الأمريكي البريطاني السعودي ومنبطحة له كحيدر العبادي الذي صدرت التوجيهات للشخصيات والصفحات المرتبطة بالمعهد بضرورة دعمه وتجميل صورته وتسويقها بشكل مكثف – حين كان رئيسا للوزراء – تمهيدا لحصوله على ولاية ثانية، فضلاً عن مسعود البارزاني الذي قامت صفحات المعهد بإطلاق هاشتاك (خذ نفس) لتخفيف الضغط عليه على خلفية تمرده على الدستور وإصراره على إجراء استفتاء انفصالي غير قانوني، كما أن هذه الصفحات مكلفة بتشويه صورة محور معين مضاد للسعودية واسرائيل وهو (محور المقاومة)، والدليل هو الحملة الشرسة والظالمة التي شنتها هذه الصفحات ضد حـــــزب اللــــه على خلفية صفقة جرود عرسال. ولا شك ان تلك الصفحات تضع الحشد الشعبي ضمن هذا المحور المستهدف!.
خامسا: ليس بالضرورة أن يعرف كل الممولين من المعهد البريطاني ما يريده المعهد بالضبط، فأغلبهم مجرد بيادق فيسبوكية صغيرة في رقعة شطرنج كبيرة مهما تباهوا بعدد متابعيهم، وهم ينفذون ما يطلب منهم فقط من دون معرفة الأهداف الخفية.