الجمعة - 29 مارس 2024

معكم معكم لا مع عدوكم ؟

منذ 4 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024



سجاد العسكري ||

الكل يمر بمرحلة ولحظات مصيرية ,ولكن دخول التاريخ يحتاج الى موقف خالد وضمير حي.
نعم وكما يحتاج دخول التاريخ الى موقف خالد وضمير حي ,بالمقابل يحتاج الى موقف خالد وضمير ميت ايضا ,فمأساة الطف هي من المحطات العظيمة التي يستلهم منها الدروس والعبر في الحياة , فكل موقف او حادث او مفصل او موقع ,او شخصية وماشابه فأنه يفتح ويلهم البصيرة لأعداد النفوس وتربيتها بما جاء به الحسين وجده وابيه من المولى عز وجل.
من شخصيات التي دخلت التاريخ في الطف شخصيتان مثيرة , بموقفين متناقضين وشتان بينهما ,الغريب انهما كانا في نفس المعسكر ,معسكر القتل وانتهاك الحقوق , وتكميم الأفواه , والفساد بشتى انواعه , كان معسكر يمثل الجاهلية بكل نزعاته القبلية وتطرفه المقيت لصنمية الامير والحاكم ظل الله في الارض لايجوز مخالفته وان خالف ضروري من ضروريات الدين ,فهو اعلم بشؤون الرعية الرعاع , وان كان خمارا او فاسقا يتبع غرائزه ,حتى وان اعطى حكما وهو سكران ؟!!لأنه اجتهد فاخطأ فله اجر؟!!!
عمر بن سعد اكتسب شهرته من واقعة كربلاء وهو القائل :
أأترك مُلك الريّ والريّ منيتي أم ارجع مأثوماً بقتل حسينِ؟
هذا حال كل من يطلب الدنيا بمعصية الخالق ,فهو من شجع اباه على طلب الخلافة بعد حادثة التحكيم بين امير المؤمنين علي عليه السلام ومعاوية, وهو من شهد على الصحابي الجليل حجر بن عدي حين طلب منه ابن زياد بأن حجر كان مثير الفتنة وانه كافر وعلى اثر هذه الشهادة قتل حجرا وانصاره, وهو من خان مسلم بن عقيل في الكوفة , وهو من قاتل الحسين وكان قائد جيش الكوفة وصاحب المقولة المشهورة (اشهدوا عند الامير اني اول من رمى) أي رمى اول سهم على الحسين ع وبداية الحرب ,وهو من امر بسحق أجساد الحسين وأصحابه بعد مقتلهم , وهو القائل:( ما رجع أحد إلى أهله بشر مما رجعت به، أطعت الفاجر الظالم ابن زياد وعصيت الحكم العدل وقطعت القرابة الشريفة”.
اما الحر الرياحي لا نكثر الحديث عنه فهو من اعترض طريق الحسين ع وحاصره ووقف ضده ,لكن فطرته السليمة وتميزه بين الحق والباطل هز كيانه بعد معرفة نواية المعسكر الاموي في قتل وابادة الحق واهله ,فتحول الى تائب مناصر بل استبسل في الدفاع الى نيل الشهادة …
شتان مابين المبدأ والمنتهى ,وشتان مابين عمر بن سعد الملعون ,والحر الرياحي المرحوم ,فالبعض من يقف مترحما للظالم ويصر على موقفه معاندا جاحدا فليعلم (ان من احب عمل قوم حشر معهم) ,وان تخرس لسانك عن قول معكم معكم لا مع عدوكم …
علينا ان نقف على سر هذا التحول المصيري ,فاليوم نحن في ساحة حرب وينفعنا كثيرا التبصر واخذ الموعظة الحسنة ,وان نشغل وننقذ انفسنا مما يأسرها , والتميز بين الحق واهله والباطل ومروجيه.