الجمعة - 29 مارس 2024

وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ

منذ 4 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024



✍️ السيد احمد فليح الأعرجي||

في كل عام تهدر دماء الملايين من الكباش في يوم عيد الأضحى المبارك بدعوى التأسي بأبينا إبراهيم ( عليه السلام ) كلنا يعلم أن إسماعيل (عليه السلام) قد فداه الله بذبح عظيم، ( ولا يعلم أحد عن هذا الذبح العظيم كيف هو و لا من أي نوع من الأنعام) و كان ذلك بعد أن ابتلاه الله و أبوه بالبلاء المبين العظيم و كانا مسلمين لما أمر الله، و لو كان ذلك على حساب حياة الإبن الذي قد بلغ معه السعي، رغم ذلك امتثل الوالد و الولد لأمر الله تعالى دون أي نقاش أو تردد لا من قبل الوالد ولا من قبل الولد، فهو حقا بلاء عظيم ولا يفوز فيه إلا الصادقون المخلصون , العبادة لله وحده ولا يشركون به شيئا .
وروي : أنه قال اذبحني وأنا ساجد لا تنظر إلى وجهي فعسى أن يرحمني .
كما قال ابن عباس هو الكبش الذي تقبل من هابيل حين قربه وكونه عظيما لأنه رعى في الجنة أربعين خريف وبشَّرناهُ بِإِسحاقَ من قال إن الذبيح إسحاق قال يعني بشرناه بنبوة إسحاق وبصبره .
إذاً فهل نحن مسلمون مؤمنون بالله وحده و لا نشرك في عبادته أحد متأسين بأبينا إبراهيم (عليه السلام) ؟
ـ هل يجب أن نتأسّى بإبراهيم (عليه السلام ) في ذبح فدية عظيمة فقط؟
ـ ما بال الفقراء و المساكين و اليتامى و الأرامل الذين يجدون الحرج في نفقتهم اليومية الضرورية و لا يجدون ما يسدون به رمقهم و يسترون به عوراتهم؟
ـ كيف ينظر هؤلاء الضعفاء الذين لا حول لهم ولا قوة إلى الملايين من الأنعام التي تهدر دماءها في يوم العيد و هم طيلة العام ربما لا يذوقون طعم اللحم إلا نادرا ؟
ـ فهل الأحاديث التي تحث على ذبح أضحية كاملة الأوصاف خالية من كل العيوب أحاديث صحيحة؟ أم أنها من صنع الموالين الذين ينتظرون أيام العيد بفارغ صبر ليدير عليهم الربح الوافر؟
ـ ماذا لو لم تذبح هذه الملايين من الأنعام في يوم واحد وتركت ترعى و تتكاثر، ألا يكون ذلك سببا في انخفاض سعر اللحم طيلة السنة فيتمكن الضعفاء من تناوله في بعض الأحيان على الأقل؟
إليكم هذه الأحاديث :
الأولى : ما رواه الصدوق في العلل بسندٍ معتبر عن السكوني عن الإمام جعفر بن محمد عن أبيه , عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال رسول الله ( ص ) : إنما جعل هذا الأضحى لتشبع مساكينكم من اللحم فأطعِموهُم .
الثانية : ما رواه الكليني بسند صحيح عن عبد الله بن سِنانٍ عن أبي عبد الله (ع) قال : سُئِلَ عن الأضحى أواجبٌ على من وَجَدَ لنفسِه وعيالِه ؟ فقال : أمَّا لنفسه فلا يدعه وأمَّا لعياله إن شاء تركه .
الثالثة : ما رواه الصدوق بسندٍ صحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرٍ (ع) قال : الأضحيةٌ واجبةٌ على وجَد من الصغيرٍ أو كبيرٍ , وهي سنَّة .
الرابعة : ما رواه الصدوق في العلل بسندِه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: قلتُ له : ما علَّة الأضحية ؟ فقال له : إنه يُغفرُ لصاحبها عند أولِ قطرةٍ تقطُرُ من دمِها على الأرض , وليعلم الله عزَّ وجل من يتّقيه بالغيب , قال الله عز وجل ﴿ لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ﴾
ومن هذه الآيات والروايات نذكر شهدائنا الأبرار الشهيدين القائدين المجاهدين ( الحاج قاسم سليماني والحاج أبا مهدي المهندس)( رضوان الله تعالى عليهما ) هم ظاهرة وعلامة ومنطلقاً جديداً للإنسان المؤمن المقاوم بوجه الطاغوت , وهما من جعل قلوب الناس في العديد من بلدان العالم الإسلامي والعالم الحر تنشدّ اليهم وتكن لهم اسمى آيات الحبّ والودّ والوفاء , والتي تجلّــت بشكل رائع في خروج عشرات الملايين من عاشقيهم في تشييعهم وتشييع باقي الشهداء الأبرار في العراق و إيران وقد تجدد هذا التكريم مرة أخرى من خلال مسيرات الذكرى السنوية ( 41 ) لإنتصار الثورة الإسلامية المباركة التي تزامنت مع أربعينية هؤلاء العظماء بشكل منقطع النظير وهذا تنظيمٌ الهي لهم .
فدماء الشهيدين القائدين والشهداء السعداء هي دماء خالدة وزكية بهما زوال أمريكا و إسرائيل ونهاية الطاغوت والثالوث المشؤوم في العالم والمنطقة , وسيبقى الــتأريخ يخلدهم ويذكرهم والشباب تسير على منهجهم ونهجهم الجهادي كأبا عبد الله الحسين ( ع ) و أصحابه المنتجبين .