جغرافية السيادة وحدود الولاء
مازن صاحب ||
في مثل هذا اليوم حين تكرر بوستات التهاني بعيد الغدير ..يبقى السؤال قائما عن مضمون الولاء للدين وهو لله وحده عز وجل ..فيما اختلفت موارد تشخيص حاكمية التدين بين النقل المتوارد والعقل الناقد … ومن دون الخوض في فلسفة التعارض بين المنقول وامكانية نقده عقليا ثمة سؤال محوري في عصرنا اليوم للقرن الحادي والعشرين ..هل كانت دولة الاسلام في عهد الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم تفرط في حدودها في السيادية بعنوان الولاء ؟؟
للمناقشة فحسب ..تبدو الإجابة أن أي دولة بل أي قبيلة عربية كانت ترفض اعتداء دولة أو قبيلة على حدودها … وهكذا مع اتساع رقعة الدول الإسلامية ظهر تطبيق متجدد لدار الحرب مع الاعداء ودار السلم مع الأصدقاء والدول المتحالفة .
وهناك تطبيقات متعددة لهذا التطور تظهر جليا في خطاب الجماعات التكفيرية التي تنظر حتى للمسلم الذي لا يبايع أمير الجماعة في ما يوصف بدولة السلم يعد الاخر من دار الحرب حتى وان كان مسلما بل وحتى اذا كان من ذات القبيلة … هكذا نسمع عن( قتال الإخوة من عائلة واحدة) بعناوين كل منهم يكفر الاخر ما بين جغرافية السيادة والولاء للجماعة .
السؤال الآخر ..كيف وظف هذا التخالف الغبي في تفسير سيادة الدولة العراقية في واقعنا المعاصر من قبل المشروع الاسرائيلي .؟؟
منذ ظهور الاستعمار البريطاني وشركة الهند الشرقية ومن ثم استبدالها بالامبريالية الأمريكية .. وهناك شواهد معروفة مثل كتاب الوصايا السبع للورانس العرب .. وكتاب الرهينة وكتاب لعبة الامم ثم كتاب العالم بين عصرين لبريجنسكي .. وكتب كثيرة عن الخطر الإسلامي الأخضر منها كتاب للرئيس السابق نيكسون ..كل هذه الكتب تطرح أمام عقل الانسان حقيقة علمية صريحة ومباشرة ..لعل الرئيس ترامب طرحها بكل قباحة … الاقتتال الإسلامي ..ضمان للمشروع الاسرائيلي!!!
في المقابل يحاول الكثير من ادعياء التدين …واكرر التدين لخلافه الواسع مع مصطلح الدين الحنيف … يحاول هؤلاء تصدير الفكر التكفيري باعتبار أن( الولائية) تتقدم على سيادة الدولة!!
في المنطق العقلي على هذا الادعاء المنقول يمكن الرد بأكثر من دليل .. الأول ليست بلاد المسلمين تحت حكم رجل واحد كما كانت المدينة المنورة تحت سلطة رسول الله صلى الله عليه .. وهذا يرجع إلى أن لكل دولة اليوم دستورها وقانون المواطنة فيها ..واي نموذج لتفضيل الولائية بهذا الشكل أو ذلك النمط يخرج عن القانون الوضعي لهذه الدولة أو تلك ..ولان حفظ النفس متقدمة في دين الله على غيرها تصبح الدعوة للخروج على القانون الوضعي لسيادة الدولة خيانة لقتل النفس بعناوين منقولة في تفسير التدين بمدارس فكرية متعددة ..
الدليل العقلي الثاني .. أن سيادة الدولة محكومة باعتراف دولي واي تعارض بين هذا الاعتراف وبين وجود حركات تكفيرية تقدم الولائية لدولة أخرى أو جماعة ارهابية .. تجعل تلك الدولة أمام عقوبات دولية مثل قرارات مجلس الامن ضد الارهاب أو قانون جستا الأمريكي ضد السعودية لان مواطينها قاموا بتفجير الحادي عشر من ايلول.. وبالتالي مطلوب من الدولة أن تنفذ ما قامت به السعودية من إعادة صياغة الخطاب الفكري الديني بما يتناسب مع الواقع الدولي ولا يقف ضده .
الدليل العقلي الثالث .. يتمثل في توضيح الواضحات وهو من اصعب الأمور .. أليس كل هذه الخسائر البشرية والمادية تنتهي لمصلحة المشروع الأميركي الاسرائيلي ؟؟ واليس الاجدر أن تحترم سيادة الدولة الجغرافية في حدودها المجتمعية والثقافية والسياسية من دون قبول أي نوع من أنواع التفسير العقائدي الولائي ؟؟
كل ما تقدم يحتاج الى مواقف وافعال مشهودة للمرجعيات الدينية والاكاديمية والمثقفة .. لكلمة سواء في التقارب والتعامل بالافعال مع كلمة تاريخية بابا تراب (أخو في الدين او نظير في الخلق) .. صريحة ومباشرة ..هناك حدود معترف بها للسيادة ..نعم للتعاون والتفاعل الإيجابي بحلول اقتصادية تؤكد الانسجام بين عموم الدول الإسلامية …من دون أي تدخلات ولائية .. وهناك فرص حقيقية لمواجهة تحديات المشروع الاسرائيلي من خلال تقارب الدول الإسلامية في اتفاقيات سيادية ثنائية أو جماعية .. فعل من مدرك …؟؟ ويبقى الموضوع مطروحا للنقاش الحضاري…. ولله في خلقه شؤون!!!