الخميس - 28 مارس 2024

التظاهرات .. من يقودها نحو العنف ..؟

منذ 4 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024


عامر جاسم العيداني||

التظاهرات التي انطلقت في تشرين ٢٠١٩ تحت شعار نريد “وطن” كانت وقعتها حامية .. حيث رافقها عنف ابتدأها من خرق جموع المتظاهرين وضرب القوات الامنية ، وجاء ردا عنيفا بقنابل الغاز المسيل للدموع وكان استخدامها بشكل سيء يتضح انهم لم يتدربوا على كيفية رميها فسقطت على رؤوس بعض المتظاهرين وقتلت وجرحت عدد منهم بالإضافة إلى استخدام السلاح بالذخيرة الحية لم تحدد هوية من أطلق النار كل جهة تتهم طرفا غير محسوب عليها وضاعت دماء الشهداء من المتظاهرين والقوات الأمنية.
هذا العنف المتبادل بين القوات الامنية والمتظاهرين أعطى التظاهرات زخما أكبر وتحديا للحكومة بحيث لم تستطع من ايقافه ، أما زخمها زاد من صلابة المتظاهر المطالب بحقوقه المسلوبة طيلة ١٧عاما وقد تفوق على الخوف وازداد قوة في مواجهة العنف الذي تستخدمه القوات الأمنية لمنعه من التظاهر ، ورغم دخول بعض الجهات التي لها قدم في السلطة باستخداهمها العنف لإرهاب المتظاهرين ولكنهم لم يستطيعوا ايقافهم بل زادهم شدة وعزما أكبر ، وجهات حزبية شاركت في التظاهرات حيث اعلنوا ذلك جهرا في الاعلام .
ان استمرار التظاهرات والاعتصامات وتحدي السلطة والطرف الثالث كما يسميه البعض ، وكثرة الإدانات والاستنكارات التي اطلقتها المنظمات الدولية مثل مفوضية حقوق الإنسان وسكرتارية الامم المتحدة المتمثلة بمندوبتها في العراق “بلاخسارت ” أعطى حرية واسعة للمواطن ان يتجمع ويتظاهر ويعتصم طيلة الفترة الماضية منذ تشرين الأول ٢٠١٩ ولغاية اليوم ونحن في شهر آب ٢٠٢٠ ولم يتوقف ، مما أدى إلى توقف القوات الامنية عن استخدام العنف ضد المتظاهرين بل حاولوا جهد امكانهم تجنبهم بل خضعوا لإرادة المتظاهر ، وبدوره عمل المتظاهرون على منع المندسين من اختراقهم حتى لا يعطي مبرر للقوات الأمنية بالرد العنيف عليهم .
ان القوة التي امتلكها المواطن في مواجهة السلطة والخروج من أجل مطالبه أدى إلى خروج كل فئة منفردة بتظاهرة للمطالبة بحقوقها وهذا ما نشاهده كل يوم على القنوات الفضائية لمجموعات ترفع يافظات في باب الوزارة أو المؤسسة المعنية التي لهم حقوق مسلوبة فيها ووصلت بهم الامور الى غلق ابواب المؤسسات الحكومية وحرق الاطارات لمنع الموظفين من الدوام والقوات الامنية تبقى متفرجة لا تستخدم اي وسيلة رد ومنع الا في ظروف الخطر الذي يحيط بهم او بالمؤسسة .
في اغلب التظاهرات تحدث عملية اعتقال لبعض المتظاهرين من الذين اساؤا واعتدوا على القوات الامنية وخرجوا عن السلمية ، ولكن الضغوط التي تمارس ضدها تضطر الى اطلاق سراحهم ، ان هذا التساهل من قبل الحكومه مع هذه العناصر المخربة واطلاق سراحهم اعطاهم دافع اكبر في التمادي باستخدام العنف والتخريب وتجاوزهم على القوات الامنية ، واستغل هذا الوضع بعض الجهات الحزبية التي لها قدم في السلطة ودفعت باعضائها الى ساحات التظاهر والقيام بعمليات التصادم والتخريب لتحقيق غاياتها وسلب حقوق المتظاهر واظهاره بمظهر المخرب وقمعه لايقافه عن التظاهر لتبقى الساحة خالية من اي جهة معارضة لهم .
هذا يعتبر مؤشر خطير يجب الوقوف عنده ومراجعة للاداء والملف الامني لانه للاسف الجميع اصبح غير آمن ووصل الحال الاعتداء على بيت المسؤول وعائلته ، وهو أمر غير مسبوق حدوثه ويجب ان تؤخذ الامور بجدية اكثر وايقاف هذه السلوكيات الخطرة على السلم الاهلي لان الجميع يريد الاستقرار ، ان عدم تطبيق القانون واتخاذه الاجراءات المناسبة في محاسبة المخالفين سوف يشجع الكثير من الشباب غير الواعين الى سلوك طريق العنف وقد يحمل السلاح ضد الدولة ويحدث انفلات امني لا يحمد عقباه ، وما حالات الاغتيال التي تحدث يوميا بحق الناشطين وغيرهم الا هي دليل على ضعف الاداء للقوات الامنية واالمخابراتية في الحد منها ، والتي شكلت استياءا كبيرا لدى المتظاهرين وقادتهم وأدى الى تصاعد العنف ضد السلطة ومسؤوليها .
هنا يتطلب من الصحافة والاعلام والفضائيات الوطنية الشريفة ان يأخذوا دورهم في التوعية والتوجيه لايقاف هذه التصرفات غير المسؤولة التي تعبث بأمن وممتلكات الشعب في محاولة لزعزعة امنه واستقراره من قبل نفر ضال مُسيَس يتبع لرغبات حزبية من اجل تنفيذ رغبات سياسية مشبوهة غايتها سلب حقوق المتظاهر الذي خرج من أجل نيلها بعد معاناة طال أمدها ، وايضا نوجه دعوة لكافة المنتديات الثقافية ومنظمات المجتمع المدني ان تأخذ دورها ايضا في نشر الوعي من خلال برامج ثقافية توعوية على كافة المستويات لايقاف حالة العنف المتصاعدة والتوعية لمنع المندسين الذين يعملون على حرف التظاهرات عن مساراتها السلمية .
ودعوة الى كافة الناشطين المدنيين ان يكون عملهم ونشاطهم ضمن المسارات الديمقراطية الواعية في المطالبة بالحقوق ومنع انحراف تظاهراتهم نحو العنف والتهديد للسلم الاهلي ، لانه في النهاية اي سلوك يتسم بالعنف غير المبرر قد يؤدي الى سقوط ضحايا وفقدان أحبة وزيادة الاحتقان بين كافة الجهات ويستغلها من له غاية لانهاء التظاهرات لكونها لا تخدم مصالحهم .
وأخيرا نحن مع التظاهرات السلمية الحضارية المستقلة غير المسيسة التي تضمن سلامة المتظاهرين وتحافظ على ممتلكات الدولة والمال العام دون ان تعبث بأمن البلد وترويع العوائل الامنة .