الجمعة - 29 مارس 2024

ابيض // اسود ..كهنة المعبد !!!

منذ 4 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024


مازن صاحب ||

تحمل كتب التاريخ الكثير من القصص عن فن الحكم وسلطان السلطة ،لعل مثال” فرعون” الذي جاء ذكره في القران الكريم افضل توصيف لما يجب ان يراه الحاكم يتوجب ان يطبقه الشعب ، هكذا تقارن الانظمة الشمولية بكلا نوعيها الدكتاتورية ، او الاولغشارية ” حكم القلة ” لفرض سلطان الراي على الاخرين ، ومع التطور الانساني طيلة قرون مضت ، ظهرت انماط متجددة من فنون الحكم وممارسة سلطان السلطة عرفت بالحكم الرشيد .
في كل محاولة لفهم واقعنا في عراق اليوم ، تقفز امامي هذه المقارنة عن كهنة المعبد في قرون مضت ، الذين كانوا يبررون لفرعون مصر دكتاتوريته بكونه ابن الاله” امون رع”وبين ما يحصل من مفارقات كبرى ما بين تلك الرغبة الشعبية الكبيرة للخلاص من نظام صدام واستقبال نظام ديمقراطي حقيقي يعتمد نظام برلماني يمثل دولة متجددة بعنوان هوية وطنية لعراق واحد وطن كل العراقيين ، لكن ما حصل في اخطاء التاسيس مررت تبريراتها عبر منظومة من “كهنة المعبد” لجميع الاحزاب المتصدية للسلطة بعناوين عقائدية او حقوق مكونات ، او حق تقرير المصير،حتى انتهت الهوية الوطنية العراقية الى نموذج من التفتيت المقنن بعناوين سياسية مستجدة على المواطن العراقي ، فبدلا من روح المواطنة والثقة بالعراقي الاخر كما هي بيوت العراقيين المفتوحة لكل الجيران في المحلة القديمة ، فاذا بمسميات الطائفية تغزو هذه الثقة ، وبدلا من علاقات الاخوة والمصالح المشتركة بين جميع محافظات العراق استجد نموذج الادارة الذاتية لاقليم كردستان ومن ثم المناداة بالاقليم السني وهناك دعوات قديمة لاقليم البصرة .
واقع الحال يبدو لكل حزب من الاحزاب المتصدية لسلطان السلطة في عراق اليوم “كهنة المعبد” الرافضين لحلول معقولة تغادر نتاج 17 عاما عجافا والاتيان بتطبيقات حقيقية لبراغماتية دولة متنوعة الميول والاتجاهات الشعبية ، فالعراق موطن للمسيحيين مثلما هو موطنا للاكراد والشيعية والسنة ، وايضا لمن يذهب الى النقطة الاخيرة في الايمان المذهبي ، ومن يقف على الحافات الاولية منه ، من يؤكد مشاعره القومية ، ومن يقدم هوية الانتماء الوطنية .
كل ما يحدث اليوم من تطورات متسارعة في الخارطة السياسية العراقية في انتظار الانتخابات المبكرة ، لابد وان يتضح مساره ضمن هوية المواطنة العراقية فحسب من دون حسابات اقليمية ودولية ، فالمعضلة الحقيقية التي تواجه الاحزاب التي قدمت من معطف المعارضة ان ” كهنة المعبد” فيها يتمسكون بذات طروحاتهم خلال تلك الحقبة فتم اسقاط الدولة لادامة وجود احزابهم من خلال اللجان الاقتصادية وشيوع مفاسد المحاصصة بتقسيم ثروة السلطة من دون اية خطوات حقيقية في بناء دولة المواطنة ، كونها تلغي اطروحاتهم ويتوقف تفكيرهم عند هذه الفكرة بان اي تغيير في مضمون التفاهمات بين الاحزاب لتقاسم النفوذ يمكن ان تنهي وجود احزابهم ، وهكذا تحول الخطاب السياسي لهذه الاحزاب من الفاو الى زاخة ومن القائم حتى مندلي الى ازدواجية متجددة ، فهؤلاء الكهنة يرفوضون في خطابهم السياسي نحو قواعدهم الشعبية اي متغيرات لالغاء مفاسد المحاصصة وتطبيقات حكومة المواطنة ، فيما هم وليس غيرهم يجلسون على مائدة المفاوضات لتغانم سلطان السلطة وجني ثمار مفاسد المحاصصة ، فما حدا ممابدا ؟؟
المعضلة الاخرى ، تتجسد في تكرار ذات اللعبة على الجمهور الانتخابي ، فحيت يتقدم المواطن / الناخب لصندوق الاقتراع ترن في اذانه اجراس ” كهنة المعبد” وينتخبهم للحفاظ على مصالح ” المكون ” طائفيا ام قوميا ، فيما ينتهي الموقف الى ان ذاتهم يجلسون في المعبد الكبير لمفاسد المحاصصة من اجل تغانم السلطة ، وهذا ما جعل سلطان الاقليم الكردي يتجاوز سلطة الحكومة الاتحادية ، وجعل الدعوات لانشاء اقاليم جديدة ليس منحى للادارة اللامركزية ، بل كنموذج من الانتقال الى نموذج للحكم الكونفيدرالي .
كل هذه المفارقات لابد وان تتضح في مواقف راسخة لساحات التحرير العراقية ، فثقافة الناخب العراقي لاختيار حكومة المواطنة ، لعراق واحد وطن الجميع ، ومن دون ذلك علينا انتظار مظاهرات متجددة للتغيير السلمي لعل وعسى .. فقط لعل وعسى يكون وعي الناخب خارج اطار مفاسد المحاصصة ولله في خلقه شؤون !!