الخميس - 28 مارس 2024

أنا عبد من عبيد محمد ..!

منذ 3 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024


إيليا إمامي Ailia Emame ||


* لا أريد أن أعزيك بوفاة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله ، تعزية عابرة تتلقاها كشيء مما تراه في هذه المناسبة .. بل أريدك أن تذهب معي في جولة روحية قصيرة أمام هذا الوجود العظيم الذي لا أحد يفقه حقيقته كي يصفه لك حق وصفه .
* تأمل معي عبارة ( سيد الكائنات ) وحاول أن ترددها بينك وبين نفسك .. وصدقني ستبدأ بالشعور أنك لست أمام رجل أو نبي معصوم فحسب .. بل أمام السر الذي قام عليه هذا العالم .. وأن كل شيء يدور في هذه الدنيا .. فمحوره ذاك السر المسمى ( محمد ) .
* هل تتفق معي أننا مقصرون ؟ و محرومون من الحديث معه والتوجه إليه بقلوبنا ؟ و قد تمر السنة والسنتين ولا نفعل ذلك ! وياله من حرمان عظيم .
حاول أن تجلس أينما كنت وتجمع مشاعرك كلها .. وتتخيل أنك جالس أمام وجود ملكوتي تجسد في رجل .. هو سبب قيام هذا الكون .. وقد منحه الله مقاليد السماوات والأرض .. ومع ذلك يحبك ويتأذى لأذيتك ويفرح لفرحك .. و هو متوجه إليك ويسمع حاجتك ويدرك دواخل نفسك .. وعندها تكلم بلسان قلبك .
إذا كان الحق تبارك وتعالى يقول في كتابه ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) ثم يقول ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) فهذا العالم المحيط .. وأينما توجهنا فيه .. كله محمد .
دقق في هذه الرواية العجيبة .. التي نقلها أبو الحسن البكري أستاذ الشهيد الثاني العاملي في كتاب الأنوار عن أمير المؤمنين (عليه السلام) :
( فأول ما خلق نور حبيبه محمد (صلى الله عليه وآله) قبل خلق الماء والعرش والكرسي والسماوات والأرض واللوح والقلم – إلى أن قال: – والحق تبارك وتعالى ينظر إليه ويقول: يا عبدي أنت المراد والمريد، وأنت خيرتي من خلقي وعزتي وجلالي لولاك لما خلقت الأفلاك. من أحبك أحببته. ومن أبغضك أبغضته ).
فيا ترى هل نستطيع النظر الى ملامح ذلك الوجه المحمدي الذي كان الله تعالى ينظر إليه ؟ وهل نراه يبتسم لنا ويعطف علينا كما فعل مع ذلك الرجل ؟
* يقول ابن مسعود .. أن رجلاً جاء الى النبي ليكلمه .. ويبدو أنه ارتبك وأخذته هيبة النبي فظهر عليه الاضطراب .. لكن صاحب القلب العطوف لم يبق ساكتاً بل خاطبه بقوله ( هون عليك فلست بملك ، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القد ) .
هل تدركون عظمة هذه الرواية ؟ هل تتلمسون العطف والمحبة التي فيها ؟ سيد الكون يتواضع لشخص مسكين مرتبك .. ليخفف من اضطرابه ويكون قريباً منه !!
* وأخيراً .. أتذكر في المرة الأولى التي قرأت فيها ( السطر الأخير ) من الرواية التالية .. أخذت أردد مع نفسي مذهولاً : إذا كان الرجل العظيم علي بن أبي طالب يقول هذا الكلام .. فمن أنت يا محمد ؟ من أنت يا محمد ؟
في الاحتجاج للطبرسي .. عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال :
( جاء حبر من الأحبار إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا أمير المؤمنين متى كان ربك ؟
فقال له: ثكلتك أمك ومتى لم يكن حتى يقال: متى كان ؟! كان ربي قبل القبل بلا قبل ، وبعد البعد بلا بعد ، ولا غاية ولا منتهى لغايته انقطعت الغايات عنه فهو منتهى كل غاية.
فقال: يا أمير المؤمنين أفنبي أنت ؟ فقال : ويلك إنما أنا عبد من عبيد محمد ).
* سأكرر التذكير والنصيحة للمرة الثانية .. توجه الى القبلة وتخيل نفسك جالساً أمامه ومخاطباً إياه .. وسترى العجب العجاب .
ــــــ