الخميس - 28 مارس 2024
منذ 3 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024


عقيل جبر المحمداوي||

الموضوع: “مقترح
فصل موازنة حكومة إقليم كردستان عن موازنة الحكومة الفدرالية والانتقال الى الموازنة الصفرية”

المقدمة

للخروج من الأزمة المالية المتفاقمة والتطورات في المشهد المالي والاقتصادي التي يمر بها بلدنا الحبيب العراق في ظل الظروف الاقتصادية غير المستقرة المتمثلة بالأزمة المركبة (المالية والصحية) واخرها اقرار قانون تمويل العجز المالي في محاولة من الحكومة التنفيذية والسلطة المالية لتدراك الانزلاق في الانهيار المالي المتوقع ، ولتجنب القصور الذي رافق الموازنات المعتمدة طيلة السنوات الماضية واختيار البديل الأفضل لترشيد الإنفاق الحكومي بإعداد موازنة متوازنة يتم تنفيذها على مراحل وكذلك تبني موازنة صفرية تنسجم مع المقومات الفنية للموازنة وواقع البنية المالية في العراق ، تتوازن الإيرادت الحكومية المتوقعة مع نفقاتها المقدرة ، انموذج عملي للاصلاح المالي الحقيقي كأحد التطبيقات العملية للورقة المالية الاصلاحية الحكومية.
موازنة رشيدة تهدف الى تطوير وتنمية القطاع الخاص وتستهدف التنمية الاقتصادية وتحقيق معدلات نمو اقتصادي ملموسة ، موازنة تكمن اهميتها في التركز على الايفاء بالالتزامات المالية الضرورية الملحة لحاجة المواطن والتي ستظهر نتائجها خلال السنتين القادمتين يتم خلالها اعادة التوازن التدريجي للنفقات الجارية المتزايدة بدرجة كبيرة لم يسبق لها مثيل سواء في العراق المعاصر او بقية دول المعمورة.
لقد حصل هذا التشويه في تطبيقات الموازنة العامة الاتحادية نتيجة عدم كفاءة استخدام الادوات المالية بالاستخدام الامثل ولاسباب اقتصادية متعددة ادت الى تأثيرات عميقة على السياسة المالية وابرزها عدم تطبيق مبادئ الاقتصاد العامة وعدم وجود رؤية واضحة لشكل الاقتصاد العراقي في تبني الاقتصاد الاشتراكي او الرأسمالي ، وانما وقعت ضحية المرض الهولندي الذي تطور في العراق الى “الوباء الاقتصادي العراقي”.
وتظهر الموازنة المتوازنة كخيار استراتيجي في المرحلة الحالية أيضا كاجراء مالي بتوافق تشريعي وقانوني يسهم في تحديد نفقات الأقاليم والمحافظات ووفقا لما تحصل عليه من الإيرادات ، لذلك يجب ان تكون الموازنة بأنواعها كافة مبنية على قواعد بيانات مالية مشددة ونظام مالي محكم ورصين وموازنة اكثر مرونة لغرض الوصول إلى نتائج مالية “أكثر إحكامًا” ، مثل ضغط الإنفاق الى اقصى حد ممكن لتقليل مقدار العجز قدر الإمكان.
وبما أن إعداد الموازنة يمر بعدة مراحل تتمثل بالتخطيط، الإعداد، المراجعة، الاعتماد والتخصيصات ، ومن ثم التنفيذ استناداً إلى القوانين والأنظمة والتعليمات والاعامامات الخاصة، من الضروري ان يتم توزيع اعتماداتها ومصروفاتها على عدة قطاعات من ضمنها التنمية والمنافع الاجتماعية، البني التحتية ، الشؤون الحكومية، الاستثمارات والأصول المالية والمصاريف الاتحادية الاخرى وحسب الاولوية والأهمية. و يتم إعداد حزمة قرارات له لتوضيح وتفسير المستويات المتعددة من الخدمات التي سوف يقدمها هذا البند مع ذكر على الأقل مستوى واحد أقل من المستوى الحالي ( يجب على المديرين توفير أسباب منطقية دائماً وشرح لمبررات تفاصيل موازنتهم التي تبدأ من الصفر .

خيارات عملية متاحة امام القائمين على الموازنة الاتحادية

١. فصل موازنة الاقليم عن الموارنة الاتحادية بشكل ضمني.

وهنا لابد من ذكر ان العراق يملك اغرب موازنة مقارنة ببقية دول العالم سواء الموازنة الفدرالية او موازنة الاقليم وخاصة ضعف تنفيذها لالتزامات الموازنة الفدرالية وضعف ارتباطها بها. خاصة من حيث محتوياتها والياتها الفنية في اعادة توازن الموازنة. إذ تتم اضافة تخصيصات اقليم كردستان الى الموازنة الاتحادية ولكنها من الناحية العملية معطلة فلا الايرادات معروفة ولا النفقات دقيقة وعملياً لا يتم تدقيق موازنة الاقليم بعد نهاية كل سنة.
اذا ما هي الجدوى من وجود موازنة الاقليم غير مفعلة ؟ إذ تعد مشكلة في كل مرحلة من مراحل اعداد الموازنة وتتوالد أزمات متعاقبة اقتصادية وسياسية وأولها اختلاف نسبة الإقليم من الموارد الإجمالية او النفقات والتي تتغير طبقا للتفاهمات السياسية واستمرارها كجزء من الموازنة من حيث النفقات او الايرادات. وان حكومة الاقليم تتحكم بالايرادات التي تحصل عليها ويتم انفاقها دون معرفة الحكومة الاتحادية ، لذلك نجد أنموذج لتطبيق موازنة او تجربة مالية سابقة في اَي بقعة من دول العالم.
لذلك فان تضمين موازنة اقليم كردستان ضمن الموازنة الاتحادية لا تحقق هذه المبادئ والاهداف المرسومة لها ، لذا اما ان تكون الايرادات والنفقات العامة وتبعاتها معروفة لوزارة المالية الاتحادية او في حالة استحالة ذلك للظروف العملية الواقعية الحاصلة ، نتوجه الى سيناريو اخر ان تكون موازنة عامة اتحادية لا تتضمن موازنة كردستان وتكون هناك موازنة مستقلة للإقليم مرتبطة بالموازنة الاتحادية بطريقة فنية محاسبية تخضع لعقد اتفاق مالي وسياسي جديد بشأن الدعم ومعالجة العجز المالي في حالة وجود نقص بالإيرادات او تحويل جزء من الايرادات الى المركز او بالعكس ، وحسب النسب التي يتم الاتفاق عليها مع الالتزام بتحويل الالتزامات الاتحادية والسيادية كالخارجية والدفاع الالتزامات السيادية الى موازنة المركز الاتحادية .

اما الخيار الاخر الذي يحاكي الواقع الحالي الذي يفرضه الاقليم على الحكومة الاتحادية هو فصل موازنة الاقليم عن الاتحادية دون التدخل بها مع فرض حصة من النفقات الاتحادية السيادية على الإقليم تحول الى الخزينة العامة للموازنة الاتحادية في نهاية كل شهر .
٢. الاعداد لتبني موازنة صفرية متوازنة من حيث وجود نسبة قليلة بين الايرادات والنفقات من جهة ومتنوعة النفقات من جهة اخرى خلال السنوات الثلاث او الاثنين القادمة.
٣. الاعداد والتهيئة للانتقال للموازنة الصفرية على مستوى الملاك المحاسبي والمالي والرقابي وعلى مستوى اعتماد الصيغة النهائية نموذج الموازنة الصفرية ودليل حسابات الموازنة الصفرية ، ودليل اجراءات العمل بالموازنة الصفرية والبيانات والقوائم المالية المالية ومجموعة تطبيقات الحسابات الختامية الخاصة بها. وضرورة التخطيط والإعداد للموازنة متوسطة المدى ( ١٥– ٢ سنوات) بدءاً من سنة 2021 والانتقال فعلياً إلى “الموازنة الصفرية” التي بموجبها ينبغي إجراء مراجعة و تقييم شاملين لجميع البرامج و المشاريع التي تنفذها الأجهزة الحكومية ، وتقديم المبررات للبرامج القائمة وكأنها برامج جديدة ،بحيث تبدأ البرامج جميعها من نقطة بداية الصفر. وصولاً إلى الموازنة الصفرية الثنائية ٢٠٢١ – ٢٠٢٢.
ان هذا المشروع مطروح للنقاش العلمي المهني لغرض تطويرة من اجل تبنية وفقا لاليات واجراءات وضمن مدة زمنية من اجل تنفيذ اصلاح مالي اقتصادي جذري يحاكي اهداف الورقة البيضاء التي يشوبها الغموض في بعض مفاصلها ويعود بالعرق الى النظام الاقتصاددي العالمي.
كذلك سوف يتم التعمق في الابواب المهمة لهذا المشروع المتمثلة في آليات ونتائج لفصل موازنة الاقليم عن موازنة الاتحادية من الناحية المالية والاليات والاجراءات والسياسات ، وسوف يتم التعمق في دراسة الموازنة المتوازنة والصفرية لتضاف لاحقا لتوضيح هذا المشروع المهم.
……….
المجموعة الاستشارية للاعادة هيكلة السياسة المالية والاقتصادية

د. فلاح جاسم العامري
د. عماد الحرش التميمي
الباحث المالي عقيل جبر المحمداوي
ــــــ