الجمعة - 29 مارس 2024

الإنقلاب في مملكة الكلاب..!

منذ 3 سنوات
الجمعة - 29 مارس 2024


سعد الزبيدي * ||

ما جرى في الأردن جرى في ممالك وإمارات كثيرة فالتأريخ يعيد نفسه والشواهد كثيرة عن انقلابات كثيرة حصلت في قطر والبحرين وعزل لولي العهد لأكثر من مرة في السعودية والإقامة الجبرية والتهميش ومنع مزاولة السياسة في الأردن فنحن نتذكر كيف عامل الملك حسين أخاه الأمير حسن وجعله يعيش في الظل بعيدا عن القرار السياسي.
ما يهمني في الموضوع ما يخطط الأردن ومصر للعراق مع توقعي بعدم إجراء الانتخابات وهذا ما أرجحه فالأشخاص المسؤلون عن ملف مصر والأردن في الإدارة الأمريكية هم من كبار الضباط سابقا وعملوا في مجال الاستخبارات وما أراه أن المجتمع الدولي ينظر للعراق نظرة ثاقبة وللأسف الشديد إذا لم تتعلم المنظومة السياسية الشيعة ألف باء السياسة وتكبح جماح ردود أفعالها وتسيطر على الفصائل المسلحة وتمنع أي نشاط عسكري أو هجوم بصواريخ على قواعد الجيش الأمريكي أو زرع عبوات في طريق الإمدادات اللوجستية أو مهاجمة الهيئات الدبلوماسية ليكون ذريعة يتمسك بها المجتمع الدولي ومن يقف خلفه ولا يعترف بنتائج الانتخابات بحجة الوضع الأمني والسلاح المنفلت وسوف تكون الأمور مهيأة للإعلان عن حكومة طوارىء عسكرية أو شبه عسكرية تتحكم بها الإدارة الأمريكية وأن هذه القمة ما هي إلا الخطوة الأولى لهذا المخطط الخطير الذي تحوكه الدوائر الاستخبارية لأمريكية مع أذنابها الأردن ومصر ويحب أن نأخذ بهذا الرأي على محمل الجد وقد أكون متشائما ولكنه جزء من الحقيقة التي أؤمن بها فبعيدا عن اتفاقية النفط مقابل الفول والحمص بطحينة يجب أن ننظر إلى الموضوع من زاوية مختلفة.
أما ما يدور في الأردن فهو ذريعة من أجل أبعاد الخصوم لا أكثر والحجج جاهزة فتهديد أمن المملكة جريمة كبرى وبهذا رسائل لكل أفراد العائلة المالكة ولكل القوى التي تظن أنها بعيدا عن بطش السلطة بحجة الحصانة أن هناك خطوط حمراء لا يجوز المساس بها وإلا سوف تكون العواقب وخيمة.
ومن يعتقد أن المجتمعات العربية وخاصة الأنظمة الملكية فيها ولو جزء من الحرية فهو واهم جدا فأنت وما تملك ملك للملك ولا حق لأي فرد مهما كانت صفته أن ينتقد الملك أو يخالفه الرأي لأنه معصوم من الخطأ فعلم الملك لدني وطاعة الملك طاعة عمياء من أول شروط المواطنة والسيف لمن يخالف.
وما جرى في الأردن من اعتقالات يدل دلالة واضحة على مدى دكتاتورية هذا النظام الذي يكبل الحريات ويمنع الانتقادات حتى وإن كان الغرض منها إصلاح ما أفسده الملك والحاشية والطبقة السياسية.
لو طرحنا هذا السؤال كيف حافظ الأردن على قوة عملته بالرغم من عدم امتلاكه ثروات طبيعية مع انهيار اقتصادات كثير من الدول النفطية والصناعية أمام جائحة كرونا؟!!!
الجواب بكل بساطة أن الأردن محمية بريطانية والحفاظ على اقتصادها من أولويات أمريكا التي تأمر دول الخليج ومنه العراق بدفع نسبة مئوية للأردن وهذا الأمر ليس بجديد فمثلما كان النظام السابق يدفع المنظومة الحالية تدفع بصورة مباشرة وبصورة غير مباشرة ببيع النفط بسالب ١٨ وإلغاء التعرفة الجمركية وتنفيذ سياسة Door to Door أي سياسة الباب جنب الباب أي يستطيع التاجر العراقي التحميل من المصنع دون دفع أي ضريبة للحكومة العراقية على المنتوجات الأردنية.
الأردن التي آوت كل أعداء العراق من ازلام النظام السابق والتي كانت تبعث بانتحاريين ليفجروا أنفسهم بين أبناء الشعب العراقي وقنواتهم الإعلامية تغطي مراسيم العزاء وتعتبرهم شهداء شاركوا في محاربة الشيعة الأردن التي بعثت الزرقاوي ومثله بالآلاف والتي كانت تذل العراقيين لدى دخولهم حدودها وتسألهم عن مذهبهم ومكان سكناهم الأردن التي وفرت الأمن والحماية لعائلة صدام ولغيره من قيادات البعث ومنحت كل اللصوص والسراق جوازات تؤمن لهم الحصانة ومنعت القضاء الأردني بتسليم المطلوبين للقضاء العراقي الأردن التي مازالت دوائرها الاستخبارية تساند وتدعم الدواعش من أجل خلخلة الأمن في العراق وتعمل وفق توجيهات الكيان الصهيوني وتنفذ مخططه من أجل تقسيم العراق لكي تمنح قطعة أرض للفلسطينيين ليكون لهم بلدا بديلا على أرض العراق وفق مشروع اسرائيل الكبرى ومشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني.
إعلام الأردن الذي طبل من أجل منح الحريات لأبناء السنة وكان يعمل على نسف العملية السياسية بحجة غياب الديمقراطية في العراق يحرم مواطنيه من أبسط أنواع الديموقراطية وحرية التعبير وانتقاد الملك والمنظومة السياسية والفساد.
الملفت للنظر سرعة تعاطي الحكومة العراقية مع ما يحدث في الأردن ودعمها إجراءات الملك وربط أمن العراق بأمن الأردن وكأن الأردن كانت هي الدولة التي دعمت العراق وفتحت مخازن أسلحتها عند التهديد الداعشي للعراق وهذا يثبت بما لا يقبل الشك أن ما ذهبت له أول مقالتي أن هناك رابطا مشتركا يجري العمل عليه مابين العراق والأردن ومصر في المستقبل القريب ومن الغريب أيضا أن نفرط في مصالحنا فكل الدول تعمل بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة من أجل مصالحها وبما أن التجربة أثبتت النوايا الخبيثة للأردن تجاه العراق فمتى تستطيع الحكومة لعراقية وأجهزتها الأمنية أن تعمل من أجل مصلحة العراق وتساهم في زعزعة الأمن في الأردن ثم تعرض المساعدة وفق شروط تصب في مصلحة العراق كابعاد عائلة صدام أو تسليم المطلوبين للقضاء العراقي مثلا أو استعادة الأموال المنهوبة المهربة.
وما السر العجيب أن تضرب كل قنواتنا الفضائية عن تناول هذا الموضوع في برامجها السياسية والمعاملة بالمثل مع ما سوقت له القنوات الأردنية والتي تبرعت أن تكون منصات من أجل التحريض ضد الحكومات العراقية المتعاقبة ودعمت كل الحركات المتطرفة التي أرادت أن تجر العراق إلى حرب طائفية ومازالت تدعم التظاهرات وتجعلها تظاهرات ملونة من أجل إشعال حرب شيعية شيعية ومازالت تتغنى بنظام البعث بل وتحتفل بمناسباته ولا تروعي من تسمية المجرم الذي يتم مئات الآلاف من العراقيين بالشهيد القائد وتطلق اسمه على شوارع وازقة وتنصب له التماثيل.
ما جرى في الأردن يثبت بما لا يقبل الشك أن كذبة الديمقراطية هي وسيلة تستخدمها بعض الأنظمة لتسقيط من يعاديها وتتبجح بها ولكنها ترميها في سلة القمامة عندما تكون الديموقراطية مهددة لعروش الطغاة.

*كاتب ومحلل سياسي.