الخميس - 28 مارس 2024

وجهة نظر..أسباب استمرار ارتفاع الدولار..!

منذ 3 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024


سعد الزبيدي ||

وعد الكاظمي ووزير ماليته أنهما سيحاربان الفساد وغسيل الأموال برفع قيمة الدولار وقررت الحكومة أنها ستبيع الدولار ب١٤٥٠ دينار للدولار الواحد في مزاد العملة للبنوك وشركات الصيرفة ولاحظنا باديء الأمر انخفاض على طلب الدولار لفترة محدودة وكان السبب وراء ذلك أن أصحاب البنوك والصيرفات كانوا يعلمون مسبقا بقرار الحكومة لذلك اشتروا الدولار من السوق عندما كان سعره ١٢٠٠ حتى ارتفع ووصل إلى ١٢٥٠ نتيجة كثرة الطلب على الدولار ومن ثم قامت تلك المصارف بإطلاق بيع الدولار بعد أن رفعت قيمته الحكومة.
وحصدت من جراء تلك العملية ملايين الدولارات.
أما الحكومة فقد استفادت من هذا القرار حيث زاد حجم الكمية النقدية لديها فبدل من أن تصرف الدولار ب١٢٠٠ أصبح ١٥٠٠ وهي بذلك خفظت راتب الموظف بصورة غير علنية فالموظف الذي كان يستلم مليون دينار أي ما يعادل ٨٠٠$ أصبح يستلم ٦٥٠$ أضف إلى ذلك أن أسعار المواد قفزت بما مقداره ٢٥ ٪ على أقل تقدير وهذا يعني أن القيمة الحقيقية للدينار فقدت الكثير من قوتها مما أثر على القوة الشرائية في المجتمع وبهذا خسر الموظف ما معدله ١٥٠ دولارا إضافيا من راتبه وما تبقى منه لن يسد حاجته في شراء الغذاء والدواء والايجار واشتراك كهرباء المولدة والانترنت.
وهذا سبب في زيادة عدد العراقيين الذين يقبعون تحت مستوى خط الفقر.
هذا من جانب من جانب آخر يجب أن نعلم أن كثير من الكتلة النقدية العراقية موجودة لدى دول الجوار وخاصة إيران وتركيا حيث أن عملات هاتين البلدين تعاني من تدهور كبير أمام الدولار فلا تمانع تلك الدول أن تتعاملان بالعملة العراقية في عمليات التصدير منهما إلى العراق وبعد رفع قيمة الدولار سيضطر التجار في هاتين الدولتين إلى مبادلة العملة العراقية التي فقدت من قيمتها بالدولار الذي سيحافظ على مستواه لأمد بعيد وهذا سوف يسبب في عودة تريليونات من الدنانير العراقية من خارج العراق إلى داخله.
السؤال لماذا مازال سعر الدولار يرتفع؟
مزاد العملة عاد أقوى من الأول وهذا يدل دلالة قاطعة على أن حجة الحكومة بمحاربة الفساد وغسيل الأموال ما هي إلا أكذوبة.وبالرغم من ارتفاع سعر النفط ووصوله عتبة 70 $ وانخفاض حجم العجز المالي في ميزانية الدولة لاحظنا ارتفاع سعر الدولار وحقيقة الأمر أن مزاد العملة لا يتناسب مع حجم المواد المستوردة في شتى المجالات فهل يعقل أن يبيع مزاد العملة شهريا ٨ مليارات ونصف المليار دولار أي ما يعادل ١٠٢ مليار دولار سنويا لاستيراد مواد بمثل هذا الرقم المهول. ودفع رواتب الموظفين أيضا.؟
وفي هذا إشارة خطيرة أن مصارف الدولة لا تمتلك الكمية النقدية الكافية وأن المصارف الأهلية هي من تمتلك الكمية النقدية الأكبر ومن يتحكم بالنقد يستطيع أن يضارب بالدولار حيث أن الحكومة لم تلزم المصارف والصيرفات ببيع الدولار بهامش ربح بسيط لذلك كان ومازال أصحاب المصارف هم المستفيد الأول والأخير فعندما كانت الحكومة تبيع الدولار ب١١٨٠ كان البيع ب١٢٠٠ أو ١٢٢١ في أحسن الحالات اما اليوم فسعر الشراء من مزاد العملة هو ١٤٥٠ بينما سعر البيع هو ١٥٠٠ واصبح يتجاوز هذا السعر وهذا يعني أن المصارف التي تشتري ٢٥٠ مليون دولار يوميا تربح ما قيمته مليار وربع يوميا هذا يعني أن قيمة الأرباح تصل ٣٨ مليار ونصف شهريا وما يقارب ٥٠٠مليار دينار سنويا.
ومادام العراق مستورد غير مصدر فمزاد العملة سيستمر لأن الباب الأوسع لغسيل الأموال ولو تم التدقيق في حجم الأموال التي تخرج بحجة الاستيراد فسوف أن أكثر من ٣٠ إلى ٤٠٪ من هذه الأموال هي أما أموال مهربة أو غسيل أموال لمافيات دولية وإقليمية ومحلية.
وبعد أن عاد مزاد العملة لمعدلاته غير الطبيعية فهذا يعني أن عورة الحكومة انكشفت فهي لا تملك حلولا حقيقية لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والمالية في العراق وأنها ما زالت تتخبط في قراراتها وتستمر في غيها بالرغم من فشل ما قررته.
ما الحل؟!!!
بما أننا شخصنا العلة فعلينا أن نطرح الحل والحلول كثيرة وفي متناول اليد أولاها أن تلجأ الحكومة إلى دفع نصف راتب الموظف بسعر البيع أي ب١٤٥٠ هذا ما سيعجل في هبوط سعر الدولار ويقل الإقبال عليه وهذا يساعد في استقرار سعره.
ومن ناحية أخرى على الحكومة أن توفر الدولار الغذائي والدوائي أي أن الحكومة تبيع الدولار لتجار المواد الغذائية والأدوية الدولار بسعر ١٠٠ الف لكل ١٠٠ دولار بشرط أن يقدم التاجر أسعار المواد المستوردة الأساسية للدولة والتي ستسعر المواد المدعومة بالدولار الغذائي والدوائي وتأخذ تعهدا من التجار ببيع تلك المواد بهامش ربح بسيط مع مراقبة حكومية شديدة على الأسواق وبهذا تنهي جشع التجار الذي يحتكرون السوق.
أضف إلى تلك الحلول تقوم الدولة ببيع الدولار للمواطن بسعر البيع المتعارف عليه وفي جميع مصارف الدولة الحكومية وبكميات محددة لكل شخص سنويا على أن لا تتجاوز ال ١٠ آلاف دولار سنويا لكل فرد.
قد تكون الحلول مثالية ولكن تطبيقها على أرض الواقع لا يحتاج كثيرا من الجهد بل يحتاج إلى قوة إرادة ونزاهة في العمل.
العراق كان من أول الدول التي كانت فيها أجهزة لمراقبة التسعيرة ومن سافر خارج العراق شاهد بأن نظام التسعيرة معمول به فها هي الهند ثاني أكبر دولة في عدد السكان تسير على هذا النظام الذي يقف بوجه تجار الأزمات ويحافظ على قوت المواطن ويؤمن له الغذاء والدواء بابخس الأثمان.
*الكاتب المحلل السياسي.
ــــــــــ