الخميس - 28 مارس 2024

الاتفاق والافتراق بين تجربتي الخروج الموسوي والخروج الحسيني.

منذ 3 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024

الشيخ الدكتور باسم دخيل العابدي||

سلسلة :من وحي الحسين عليه السلام /1

تذكر الرواية اليهودية ان موسى عليه السلام هو الذي كتب سفر الخروج ومما فيه انه قاد بني اسرائيل للخروج من مصربما سمي بسفر الخلاص من ارض العبودية والفرار من الموت على يد فرعون مصر بغرض المحافظة على حياته وحياة الشعب اليهودي ومن ثم توحيد الشعب اليهودي بعد تلقي الالواح في جبل سيناء ليؤسس بذلك الهوية اليهودية في ارض الامان,
وفي اتجاه اخر وبعد قرون زمنية كثيرة نقل المؤرخون والرواة ان الامام الحسين عليه السلام اعد العدة للخروج من مدينة جده رسول الله صلى الله عليه واله في مهمة تاريخية اخرى سوف تلقي ظلالها لاحقا على مسيرة البشرية وتؤثر في موازينها الروحية والاخلاقية والسياسية.
هذا يعني ان كلا الخروجين اثرا في تكوين هوية امة وتركيبها على وفق رؤية الهية وعن طريق صناعة حدث كبيريتحدد بالعبور الموسوي والثورة الحسينية.
وجوه الاتفاق والافتراق بين الخروجين:
1. لم تكن حركة موسى عليه السلام حركة ثورية تتصدى تصديا ثوريا للظلم والفساد فقد لجا الى اسلوب الهجرة والخروج من مركز الظلم بغرض تامين حياته وحياة بني اسرائيل فكان الهدف هو المحافظة على حياة الجماعة الخاصة وليس مكافحة الفساد في الارض فيما خرج الامام الحسين عليه السلام من ارض الاستقرار والامن بين اهله وعشيرته متوجها الى مركز الفساد والمفسدين والقيام بثورة الاصلاح العالمية عن قصد وارادة متحملا النتائج التي تفرزها المواجهة .
2. حركة موسى عليه السلام حركة انقاذية انحصرت بانقاذ الشعب اليهودي المضطهد في مصر فيما كانت حركة الامام الحسين عليه السلام حركة اصلاحية عالمية لم تنحصر باهل المدينة او الكوفة او اي بلد اخر .
3. تحرك موسى عليه السلام وهاجر لتثبيت الهوية اليهودية التي كانت مشتتة ومبعثرة فيما ان الامام الحسين عليه السلام تحرك لتصحيح الهوية الاسلامية بعد التشويه الذي تسببت به السلطات التي تعاقبت على الحكم بعد وفاة النبي صلى الله عليه واله.
4. مالبث ان سقط كثير من المتشبثين بموسى عليه السلام في اختبار الرخاء والخلاص من الاضطهاد فلجؤوا الى عبادة العجل واتبعوا السامري وفي الاتجاه الاخر سقط كثير ممن حضوا الامام الحسين على المقاومة في مستنقع الخذلان والجبن واستسلموا امام قوة الترهيب واغراءات الترغيب.
السؤال المهم الذي ينبغي الاجابة عنه بعد هذا العرض هو مالثمرة المتحققة من هذه المقاربات؟
يظهر وجود ثمرتين مهمتين احداهما ترتبط بالائمة والانبياء انفسهم والاخرى بالامم والشعوب وهما:
1. ان هناك اوجه تشابه بين سيرة الانبياء وسيرة الائمة عليهم السلام في كثير من مجالات الامامة والقيادة والعلم والحراك الاجتماعي وفي هذا رد على من ينكر التشابه بين الانبياء والاوصياء.
2. ان التجربة والاختبار هي المحك في البقاء في دائرة الانبياء والائمة عليهم السلام والانتساب لهم او الافتراق عنهم وقد يقع هذا الامر في حضورهم وفي غيابهم فقد يكون سبب الانحراف عن الانبياء وعن الائمة الرخاء والسلطة والخوف والطمع والجهل وقلة الوعي وقد سقط في هذه الاختبارات كثير من بني اسرائيل وفشل فيه عدد هائل من المسلمين.
3. ابلغ التجارب في حركتي النبي موسى و الامام الحسين عليهم السلام تجربة الخذلان الشعبي تحت ذرائع الترغيب والترهيب والجهل وهذه التجربة ينبغي ان تبقى حية في وعي الامم وحراكها لاسيما لدى اتباع اهل البيت عليهم السلام وخصوصا المتصدين للسلطة والحكم منهم والمؤسف ان نجد كثيرا من اصحاب السلطة المعاصرين يقيمون مجالس الحسين نهارا ويعصون الحسين ليلا.