الخميس - 28 مارس 2024

العلمانية الموتورة سفيرة الالحادية

منذ 3 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024


حامد البياتي* ||

بالرغم من ان مفردة جهنم هي اعجمية ولكنها دخلت اللغة العربية وايضا في الادب العربي، وخلدها عنتر بن شداد ذلك الفارس والشاعر العبسي في قصيدته:
لاتسقني ماء الحياة بذلة
بل فاسقني بالعز كاس الحنظل
ماء الحياة بذلة كجهنم
وجهنم بالعز اطيب منزل٠
ومما يوحي من ضلال هذا الشعر ان بعض القبائل او بعض من افرادها كانوا يؤمنون وفي زمن الجاهلية بان هناك حياة اخرى مابعد الموت وان هناك جنة وجهنم، ولاشك انها من اثار الابراهيمية وذريتها الطاهرة التي سأل ابراهيم ربه ان تكون الامامة فيها٠
يجمع المؤرخون ان العرب كانت تؤمن بالله، وكانت تسمي اولادها ب عبد الله وتحلف برب البيت العتيق التي تطوف حوله مرددة شعارها لبيك اللهم لبيك، لبيك لاشريك لك لبيك، الا شريك هو لك وماملك ٠
وقد اكد القران المجيد ذلك بقوله ولئن سالتهم من خلق السموات والارض ليقولن الله ٠
ولكن من العرب ايضا لم يهتدي الى الحياة الاخرى وكانوا يستبعدون اعادة الله تعالى للاجساد والعظام بعد رمتها وضرب لنا مثلا ونسي خلقه، قال من يحي العظام وهي رميم ٠
وفي عصر الفتوحات المسمى اسلامية وبالتحديد في زمن الامويين والعباسين ومن قبل في عهد ابي بكر وعمر، دخلت الى الاسلام والمجتمعات الاسلامية ونتيجة الغزو المربح اصنافا والوانا من شعوب واقوام وقبائل، رومية وفارسية وشركسية وافريقية، ويهودية ونصرانية، وادخلت معها معتقداتها واديانها ومرئياتها، بالاضافة الى حركة الترجمة الدؤوب للكتب والمؤلفات والمجلدات ومن كافة الاختصاصات ومن شتى البقاع التي وصل اليها الفاتحون، فاحدث بعضها طوفانا ملحدا وتشكيكيا عصف بالكثير من المسلمين الذين اخذوا دينهم وراثة وتقليدا وتلقينا عن ابائهم واجدادهم دون ان يترووا فيه ويعقلوه ويدرسوه، فتاثروا فيه وانقلبوا على انفسهم واصبحوا دهريين وزنادقة ومنكرين، وقد خاض الائمة الاطهار سلام الله عليهم نقاشات ومناظرات عديدة لابطال هذه المعتقدات الوافدة التي عميت الابصار والقلوب التي في الصدور٠
والعلمانيون المريبون وهم الطابور الخامس والاخطر، فتحوا ايضا جهنم الالحاد والتشكيك على شعبنا وخصوصا على شريحة الشبيبة، فنشروا في اوساطهم افكار ماركس وانجلز وفرويد ودارون من اجل فك ارتباطهم باسلامهم الذي لم يقرؤوه كما يجب ويستوعبوه من منابره العلمية كما ينبغي، فالشيوخ والاخوندية، لم يكلفوا انفسهم عناء بحث هذه المواضيع المعقدة كالمادية التاريخية والديالكتيك والشيوعية بتقسيماتها الاجتماعية والثقافية والسياسية والاشتراكية الاقتصادية وماشابه ذلك، لانهم اما لم يسمعوا فيها اصلا او لانهم عجزوا عن فهمها فكيف يتاتى لهم نقدها وخرمها وابانت عوراتها، هذا من جهة، والانكى من ذلك واطخى، ان بعضا من المعممين قد صرعتهم زهرة الحياة الدنيا ونسوا دينهم وزهدهم وركضوا وراء الاموال والمناصب واصبحوا من البارونات المتغولة فزادوا في الشبية الفقيرة كفرا وتمردا وقد اوحى لهم العلمانيون ان هؤلاء هم الدين والناطقين باسمه والمنفذين لسلطانه ولافرق بينهم وبين كهنة القرون الوسطى الذين كانوا يستأكلون الناس ويسلخون جلودهم اذا عصوهم٠
لاريب ولا شك بجهود علماء الامة الافذاذ ومجتهديها المخلصين الذين بذلوا سحابة عمرهم وهم يبحثون ويدققون ويحققون في المسائل الفقهية ويضعون الدراسات الطوال بشانها، فقد راينا وعلى سبيل المثال، كتاب شرائع الاسلام للمحقق الحلي رضوان الله عليه اذ كتبت حوله بحوثا ومجلدات ثم جاء اخرين ولخصوا واختزلوا ثم جاء من اوسع واطنب، وكذا الحال مع الكتاب الفقهي اللمعة الدمشقية في فقه الامامية للشيخ العاملي المعروف بالشهيد الاول رضوان الله عليه، الذي تقاطرت عليه الشروح والمجلدات وباقلام عديدة، والحال ذاته مع كتاب العروة الوثقى للسيد كاظم اليزدي الذي كتب عنه الكثير ومن ضمنهم السيد الحكيم الذي اسمى مؤلفه مستمسك العروة الوثقى والسيد ابو القاسم الخوئي واسماه مدارك العروة الوثقى، وهكذا كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي الذي من جملة ماكتب عنه محمد طاهر شبر باسم انوار الوسائل والشيخ النوري باسم مستدرك الوسائل، وكثير من كتب الفقه والاجتهاد والتي تعد بالمئات اذا اضفنا اليها المصنفات التي دارت حولها شروحا ومتونا وتهميشا وتاليفا، في حين ان ماكتب حول الاعتقاد والعقيدة والتي تشكل الحجر الاساس للفكر والقران والايمان لاتكاد تبين امام هذا الهرم الهائل من الفقهيات، ويمكننا ان نؤشر لكتاب تجريد الاعتقاد لخاجه نصير الطوسي والذي شرحه العلامة الحلي في كتاب باسم كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد كواحد من ارقى الاعمال العقائدية٠
لقد تجلى هذا الارتباك العقدي على اطروحات المبلغين والخطباء، ومثالنا الواضح هو تصريح من يدعي المعتمدية والممثلية للسيد السيستاني، والذي قال فيه، ان امير المؤمنين عليه السلام يقول ان لي شيطان يعتريني ولكني روضته، وهو قول جارح وغامز في قناة علي بن ابي طالب المقدسة، والذي يصطدم مع قول الله عز وجل وهو يخاطب الشيطان ان عبادي ليس لك عليهم سلطان ثم ان هذا القول لابي بكر وكما جاء في صحيح البخاري، فاي تهافت عقائدي وقراني هذا، ثم ان كان هذا حال التثقيف الديني فما ظنك اذن بالحاقدين العلمانيين الذين ينفخون في صدر الحدث والشاب ابخرة الشك وادخنة الكفر وسخائم الشذوذ، وقد فلحوا وللاسف في كسب بعض الشباب الى صفوفهم مما زادهم عزيمة وشوكة في المضي في طريق التغرير والغواية٠
قطعا لا رجاء لنا في الطبقة السياسية وحكومتها لانها علمانية حتى النخاع، وانما كل الرجاء في المرجعية الرشيدة وعلماء الحوزة وطلبتهم الواعدين والاساتذة الاكاديمين والمثقفين الرسالين الذين هم اجناد صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه في ايقاف ودحر هذه الشيطنة التي تتربص لشبابنا بدوائرها الغربية الصهيونية السوداء٠
قال تعالى في كتابه المجيد وقالوا ماهي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا الا الدهر ٠