الخميس - 28 مارس 2024

المواطن هو بيت الداء، وترياق الشفاء..!

منذ 5 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024

كاظم الخطيب

المواطن هو أساس بناء الوطن، ولبنة كيانه الأساسية، وما عداه إنما هي أسباب لتحقيق رفاهيته، وضمان حريته، وحفظ كرامته ووجوده.

دولة، حكومة، مواطن؛ مثلث الوجود الأزلي والمنطقي والواقعي لكل وطن، ولكل من أركان وقواعد هذا المثلث، خواص ومعالم وصفات يتصف بها، وماهية يعرف من خلالها.

الجهل المطبق في معرفة هذه الخواص، وفقدان التمييز المطلق بين تلكم الصفات والمعالم والماهيات؛ يعد كارثة بكل المقاييس، مما ينذر بفوضى عارمة، وضربة قاصمة لكيان أي دولة، ووجود أي شعب.

إن من أوثق عرى النجاح، وأوضح مصاديق الفلاح، لقيام كيان ما، وبناء مجتمع معين، ووجود وطن يصدق عليه إسم دولة؛ هي المعرفة الواضحة والدقيقة بكل خصوصيات وإختصاصات أركان مثلث الوجود لوطن يتمتع بالحرية وينعم بالرفاهية.

الحرية والرفاهية، لكل منهما أبعاد ومضامين؛ فالحرية تشمل: الحريات الفكرية، كحرية الرأي، وحرية المعتقد، وحرية التعليم، وحرية الإعلام، وحرية السفر، وغيرها.. كما إن للرفاهية أبعاداً ومضامين تشمل: العيش الرغيد والضمان الصحي، والإستقرار الأمني، والإنتعاش الإقتصادي، وإنخفاض الأسعار وتوفير السكن وغيرها.

قوام البلدان في إسعاد مواطنيها، وضمان ولائهم المطلق لأوطانهم ، ولا يتحقق ذلك الإسعاد؛ إلا بتحقق حرية ورفاهية المواطن، اللتان هما نتاج السلوك المتوازن بين الحكومة والشعب، مما يؤدي لقيام كيان مستقل، وبناء دولة معاصرة.. دولة بأطرٍ ومقومات، وحكومة وطنية بصلاحيات، ومواطن بحقوق كاملة وواجبات.

من خلال هذا المنظور، ثمة أسئلة كثيرة، تطل برؤوسها علينا بإلحاح مفرط، وإصرار شديد؛ هل يصدق على العراق، أن يكون وطناً كالأوطان؟ أو بلداً كما البلدان؟ هل يمكن أن تعد أركان مثلث وجوده كوطن أركاناً صالحة؟ هل يعي المواطن فيه حجم مسؤوليته في بناء وطنه؟ وهل يميز بين الدولة والحكومة؟

السؤال الأكثر إلحاحاً، والذي هو حري بالإجابة ، أكثر من الأسئلة السابقة؛ وهو هل هناك حكومة وطنية في العراق، ومن هم اللاعبون الأساسيون في عملية صنع القرار، وهل هم أهل لذلك؟ والجواب على هذا السؤال والذي لا يمكن أن تجد له مخالفاً ؛ هو أنه لا حكومة وطنية ولا أحزاب.

يمتاز العراق عن غيره من البلدان، بوجود عروة وثقى وصمام أمان، متمثلة بمرجعية السيد السيستاني، وقد واكبت مرجعيته حكومات البعث والدعوة على حد سواء، وقد واجهت منهما، ذات التصرف وذات الأسلوب، برغم إدعاء كل منهما بمجاهدة الآخر وبطلان حجته، والإختلاف المطلق في الرؤية والمنهج والهدف.

كانت عملية صم الآذان عن توجهات المرجعية، والعمل على تهميش دورها، ومحاربتها بالخفاء والعلن، قاسماً مشتركاً بين الدعوة والبعث، وكانت المصالح الشخصية، والمكاسب الحزبية، هي السمة الغالبة على سلوكهما ومنهجيهما على حد سواء، وهذا ما يتعارض مع سياسة المرجعية وأهدافها.

من أهم المعالجات التي يمكن الأخذ بها، لمعالجة أوضاع البلاد المتردية، هي معرفة السبب، ومواطن العطب، والتشخيص الدقيق لأسباب هذا التردي والعمل على إصلاحها، ولابد من البدء بمحاربة الفساد مطلقاً، وإجتثاث إصوله الحزبية، وفروعه الإدارية.

لقد كان لسلوك الأعم الأغلب من ساسة العراق- ومازال- أثراً سيئاً، وإنعكاسات خطيرة، أدت بالبلاد إلى كوارث أمنية، وإقتصادية، وإجتماعية، وإنسانية، وبيئية، حتى بلغ الأمر إلى إحتلال أراضيه، وإستباحة حرماته.

المواطن هو مفتاح الحل.. إذ لابد لنا من المواجهة الحقيقية والمطالبة الصريحة ، بكبح جماح فساد الأحزاب والكتل السياسية ومحاسبتهم، والعمل على تجفيف منابع فسادهم.

حرية المواطن ورفاهيته مطلبان غاية في الأهمية، لكنهما لن يتحققا بوعود كاذبة، ولا بشخوص زائفة، بل يجب عليه الكفاح لإنتزاعهما.   

ـــــــــــــــــــــــ