الخميس - 28 مارس 2024

خلاصتك في القوة الناعمة/1

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


حسن الربيعي ||
المقدمة:
شاع استخدام مفهوم القوة الناعمة منذ أن قام عالم السياسة الأمريكي جوزيف ناي بنحت هذا المصطلح في مطلع التسعينيات من القرن الماضي. وانتشر هذا المفهوم بشكل سريع، وأصبح موضع اهتمام الدوائر السياسية، والثقافية، والأمنية، والعسكرية، والأكاديميين، والنخب في دول عدة، ولاسيما في الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوربا، ثم اهتمت به بقية الدول ومنها البلدان العربية، والإسلامية عندما تنبه له النخب والمثقفين والسياسيين، ووسائل الإعلام الواعية، بعد ثبوت تأثيره في ميادين مختلفة من حياة الشعوب.
وفي مطلع القرن الحالي بدأ يتنامى هذا المفهوم بشكل أوسع لتبنّيه من قبل دول ومجموعات وشركات في مجالات متعددة، بعضها للأغراض السلمية والبعض الآخر استخدمها لتحقيق أهداف عدائية، وهي بذلك تقوم بحرب ناعمة ضد الآخرين ومصالحهم.
القوة الناعمة:
خاض العديد من الفلاسفة وعلماء الاجتماع والاستراتيجيين العسكريين وأفاضوا منذ القدم حول تناول مفهوم القوة واختلفوا في تعريفه، إلا أن الاختلافات القائمة بينهم لم تكن جوهرية بالقدر الكبير، فالبعض يعرّف القوة بأنها القدرة على خلق التغيير أو المقاومة، في حين يذكر آخرون أنها القدرة على أن نحصل على ما نريد، بمعنى السيطرة على الطبيعة وعلى الأشخاص الآخرين، ويعرف هانز مورغنثاو القوة بأنها القدرة التي يملكها الإنسان للتحكم في أفكار وسلوكيات الآخرين.
ويعد مفهوم القوة من المفاهيم الأساسية في علم السياسة فلا يختلف الباحثون والمهتمون بالعلاقات الدولية على أنَّ القوة هي الحاكم الأساسي للعلاقات بين الدول، ويختلف تعريف القوة بين الباحثين نظراً للطبيعة المركبة للمفهوم. إلا أنَّ جوهر المفهوم كما ذكره كارل فريدريك إنشاء علاقة تبعية بين طرفين يستطيع من خلاله الطرف الأول أن يجعل الطـرف الثاني يفعل ما يريد، أي التصرف بطريقة تضيف إلى مصالح مالك القوة، وقد عرَّف اوستن ربيني القوة ايضاً على أنَّها علاقة التبعية والطاعة من جانب، وعلاقة السلطة والسيطرة من الجانب الآخر(1).
والقوة ببساطة هي القدرة على التأثير في الطبيعة، والآخرين وإخضاعهم لإرادة القوي الفاعل، فالأقوياء في أي موقف اجتماعي كان أم سياسي أم اقتصادي أم ثقافي أم علمي، هم الذين يفرضون إرادتهم وكلمتهم ويسيّرون الأمور كما يرونها وفقاً لرؤيتهم أو مصالحهم الخاصة.
وقد تسابق الأفراد والدول والمجموعات، وتنافسوا على امتلاك أعلى قدر من القوة وتنوعها وتعدد مصادرها ووسائل استخدامها، وامتد هذا التنافس الى مساحات واسعة من العالم، وتحول الى صراع بين الشركات العالمية والدول، وادى ذلك الى ابتكار أصناف جديدة، أهمها وأبرزها تمثل بالقوة الناعمة. حيث قام الباحث الأمريكي جوزيف ناي بنحت هذا المفهوم بعد تطويره لمفهوم القوة الذي ارتبط بالممارسات الإكراهية، التي تجبر الآخرين على التصرف بطريقة معينة؛ أما مفهوم القوة الناعمة فيفتح الباب لدراسة القدرة على التأثير في سلوك الآخرين عبر الجاذبية والاحتواء، وليس عبر الإكراه.
وسعت الولايات المتحدة الأمريكية لامتلاك اعلى قدر من القوة لتحقق حلمها في التفرد والهيمنة بالقرار الدولي والنظام الاقتصادي العالمي عبر منظمات أممية تم تأسيسها لهذا الغرض، وجمعت لأجل ذلك حلفاء ومناصرين لمواجهة الخصوم والمناوئين، والأعداء. وكانت القوة العسكرية والى زمن قريب خياراً متقدماً في أولوياتها؛ لتحقيق أهداف سياستها الخارجية، إلا أن متغيرات حصلت في العالم أدت إلى تقدم خيار القوة الناعمة على بقية الخيارات عند صانع القرار الأمريكي ضمن استراتيجية العولمة التي تتطلب نشر القيم الأمريكية والسيطرة على المواقع الأولى في العالم باختيار الوسائل والأدوات التي تحقق قدراً عالياً من الجاذبية والقبول لدى الفئات المستهدفة بكلفة مالية منخفضة بما يخفف من أعباء الميزانية المالية المخصصة للسياسة الخارجية مع سعة الأهداف المتحققة، مما دفع لتصاعد الاهتمام بالقوة الناعمة عند رسم الخطط الاستراتيجية كما جاء بتقرير مجلس الاستخبارات الوطني الصادر عام 2012 عند تحديد الأولويات الاستراتيجية للولايات المتحدة لعام 2030.
………..
حسن طعمة كزار الربيعي
– مواليد بغداد – 1966
– عضو الجمعية الوطنية العراقية 2005.
– عضو مجلس النواب العراقي (۲۰۰۹-۲۰۱۰).
– ماجستير إدارة العمل الاجتماعي / الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم لبنان.
– بكالوريوس علم الاجتماع / كلية الآداب جامعة بغداد.
الخبرات والنشاطات :
– عضو جمعية الخدمة الاجتماعية العربية.
– عضو الجمعية العراقية لعلم الاجتماع.
– رئيس مركز الولاية للتنمية البشرية.
– مدير مركز تاج الحضارة الثقافي.
– مدير مشروع ( الإصلاح من الذات الى الحياة ).
– مدير مشروع ( القيادة التشاركية وتشكيل فرق العمل).
أهم المؤلفات والدراسات :
– كتاب العراق والصراع الناعم.
– بحث القوة الناعمة الأمريكية وتأثيرها في السلوك الحضاري لطلبة الجامعات العراقية.
– سلسلة الإصلاح وحركة التاريخ.
– سلسلة الإسلام والديموقراطية.
– بحث الهوية الثقافية العراقية.
– بحث القيادة و علاقتها بالذكاء العاطفي.
– بحث الحضارة الاسلامية بين ركن الامامة والعراق.
– كراس القوة الناعمة في ضوء تجربة الحشد الشعبي.
– كتاب الحضارة الاسلامية الحديثة (قيد الانجاز).