خلطة العطار و”حجي نفخ”
حمزة مصطفى ||
قبل المولات الحديثة والأسواق المركزية سابقا وقبلها أورزدي باك في السبعينات والأفريقية بدء من الخمسينات و”فوق” أنا شخصيا بوصفي إبن ريف “لحكت” على العطار الذي كان يجوب القرى على ظهر حصان في الغالب “نص عمر”. هذا العطار هو عبارة عن “مول زغير” يحتوي على العديد من الحاجيات المنزلية التي كان يحتاجها أبناء الريف الذي لم يكونوا يزورون المدن لاسيما الكبيرة منها الإ في المناسبات أو عند تسويق محاصيلهم الى علاوي الخضروات.
من بين ما أتذكره إنه في إحدى القرى في مناطقنا آنذاك أن أحد رجال القرية أو لنقل وجهائها طلب من العطار أن يوافيه بمجموعة من الأغراض الخاصة به حين يزور القرية في المرة القادمة. وبعد أيام جاء العطار المسكين وهو يتهادى على ظهر حصانه الذي أكل عليه الدهروشرب في حين تتدلى الحاجيات على ظهره من الجهتين. ولأنه يريد إيصال حاجيات “حاج فلان” وصل الى باحة الدار وبدأ يصيح “حجي فلان, حجي فلان” لكن حاج فلان “لاحس ولاخبر”. كرر العطار النداء عدة مرات وحين إكتشف أن حاج فلان “ضربه بوري” أخذ يصيح “وينك ياحجي نفخ”.
ولأننا إعتدنا على تخريجة “مرتبة” وهي أن الأمثال تضرب ولاتقاس فإننا إعتدنا كذلك طوال السنوات الثمانية عشرة الماضية على تشكيل حكومات هي عبارة عن “خلطة عطار” . وهذه الخلطة تبدأ من الإنتخابات البرلمانية بمجموعة من الوعود التي يقدمها المرشحون وغالبيتهم ممن يحلو له تسميته بـ “الحجي” حتى لو لم يصل حتى الى منفذ عرعر الى المواطن حامل اللقب الشهير المواطن الكريم. لكن ما أن تنتهي الإنتخابات وتظهر النتائج وتباركها الأمم المتحدة ومنظمة “مزورون بلاحدود” حتى تتبخر الوعود وتبقى في الغالب مجرد بقايا لافتات وفلكسات في الشوارع الى الدورة المقبلة حيث وعود نفخية أخرى.
المواطن الكريم وبفضل الفضائيات ومواقع التواصل الإجتماعي لم يعد مثل صاحبنا العطار السابق مع أن البوري واحد في كلتا الحالتين. كان صوت العطار السابق لايتعدى حدود جدران منزل “حجي نفخ” وجيرانه, بينما صوت المواطن الكريم الحالي اليوم يصل حتى الى جوزيف بايدن ولو على طريقة ..”بايدن هيلب مي”.