الخميس - 28 مارس 2024
منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


مرتضى مجيد الزبيدي ||

يحصل احيانا، ان ينجز الفرد شيئا، لا يعرف كل أهميته، بينما يرى الأخرون يقدرون انجازه ربما اكثر منه، وذلك يعود اما لانه اعتاد على الانجازات المهمة، يراها من واجباته واهتماماته، واما انه لا يقدر مدى أهمية ذلك على الصعيد العام.
وهكذا حال مجتمعنا العراقي عندما يقدم التضحية، لافخر ولا تباهي، تواضعا وتفانيا، ولكن في الحقيقة، قد لا نعرف أهمية الانتصار؛ على عصابات داعش الارهابية، واعلان تحرير العراق من دنسهم،
فبلد يمتاز بقوة الاعراف والتقاليد، التي جزءا كبيرا منها ذات فائدة مجتمعية واسعة، عمدت دول الاستكبار الى تسفيهها وتسقيطها، من أجل تمرير مخططاتهم البائسة، وأهمها هو دفع عناصر داعش بالدخول الى العراق، فذلك يعني ضرب التقاليد والاعراف، كون تقاليدنا ترفض الاجتياح والهوان، والشعوب تُحترم بمدى تمسكها بتقاليدها، فطرد الدواعش من الوطن هو انتصار لتقاليدنا، وحفاظا على احترامنا ومكانتنا بين الشعوب والأمم، بل ذلك اعطانا تقدير أكبر.
من ناحية تأريخية، فللعراق حضارة عميقة، قد تفوق سائر بلدان العالم، ولذلك عمدت عناصر التخريب والارهاب؛ الى تهديم بعض المعالم الحضارية، وذلك يعني انهم لا يريدون للعراق حضارة؛ ليفقد قوته التأريخية، التي يتميز بها، اي يكون بلا قيمة.
وعلى الصعيد الدولي، هي عصابات تخوفت منها جميع دول العالم، ووقفت حائرة امام تمددها، إلا شعب العراق؛ حمل السلاح، وتقدم يسابق القوات الأمنية في عمليات التحرير، لم يتوجس خيفة، ودون ان يرتجف قلبه، ثم ان العراق قاتلهم نيابة عن العالم اجمع، في الوقت الذي خنعت معظم الدول، فهو باختصار كان الاشجع والأقوى، ولا إرادة تفوق إرادته وصلابته.
اما من الناحية الدينية فهم جاءوا باسم الاسلام الذي هو براء منهم، ليرسموا صورة بشعة عن الاسلام السمح، ويشوهون هذا الدين بكل ما أوتوا من قوة، لذا قتالهم يعتبر دفاعا عن الاسلام المحمدي، اين ما كان، لانهم استهدفوا كل الاسلام، وبديننا يموت المسلم شهيدا اذ كان يدافع عن ماله، عرضه، ارضه، دينه، وبقتال هذه العصابات الهمجية، اجتمعت الشروط كلها، فلا يقبل ديننا استباحة الاعراض والاراضي، بل يوجب الدفاع عن ذلك وعن النفس والدين، وحتى فتوى المرجعية الدينية العليا، لم تكن اعتباطية، بل لأهمية الأمر وضرورته، وخطورته علينا، وعلى الاسلام والمجتمع البشري بشكل عام، وكما اننا نوعز فضل الانتصار لديننا وفتوى المرجعية، فلو اننا لم ننتصر لصار الفشل على الدين لا سامح الله، أي الانتصار كان انتصار الاسلام على الجاهلية.
وحتى من الناحية الاقتصادية العالمية، فهل تخيلنا وضع الاقتصاد العالمي، لو كانت عصابات داعش المسيطرة على الثروات والمنافذ؟!
في النهاية انتصارنا ذو أهمية بالغة، وابعاد مهمة جدا، علينا ان نعرفها ونتذكرها دائما، انتصارنا لتقاليدنا واعرافنا الحميدة، انتصارنا للتأريخ والحضارة، انتصار عالمي ذو بعد استراتيجي، انتصارتا للإسلام والديانات الحقة، انتصارنا للاقتصاد، بل انتصارنا للوجود والبشرية، وللعالم اجمع، فحري بنا ان نحتفل بالنصر، كل عام وكل يوم، وحري بنا ان نحافظ عليه ونقدسه.