الخميس - 28 مارس 2024

فتوى المرجعية العليا وتوحيد كلمة العراقيين

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


حسین محیي الطائي ||

شهد العراق خلال تأريخه المديد أحداثًا سياسية وعسكرية عديدة أدَّت إلى نشوب حروب داخلية أو خارجية، أو ظهور تيارات متنافرة ذات منهجيات مختلفة بعضها جمعت كلمة العراقيين وأخرى فرَّقت وحدتهم ومزَّقتها، مثل الطائفية النكراء التي راح ضحيتها شباب المجتمع العراقي وشَيبُها.
وقد أثبت العراقيون دومًا وقفتهم مع المراجع سابقًا أو حديثًا، وثورة العشرين أنموذجًا، حين أفتى المرجع الديني الشيخ الميرزا المجدد محمد تقي الشيرازي (ره) في الثالث والعشرين من كانون الثاني من عام 1919 للميلاد، تنديدًا لنوايا البريطانيين وتوجيهًا للمسلمين للقيام بما هو صالح لهم. لذلك عندما رأى الغرب وأدرك أنَّ الحرب المباشرة على العراقيين صفقة خاسرة، والخسارة لا تليق به باعتباره القوة العظمى في العالم، حاول بشتى الوسائل والسياسات إضرام النار بين المسلمين أنفسهم، فكانت حصيلة تلك المحاولات عبر هذه السنوات المديدة أي بين هاتين الفتوتين –فتوى ثورة العشرين وفتوى الجهاد الكفائي ضد داعش- التمكُّن من السيطرة على ضعاف النفوس وأعدادهم إعدادًا متطرفًا، لينشأ كيان إرهابي سمي بداعش يؤمن بالقتل والفتك والدمار لتغدو أداة الغرب لتوجيه أقسى الضربات نحو أي شعب يتمتع بالنضوج الفكري والازدهار الذهني والقيادة الحكيمة، غير مدركة أنَّ هذا الكيان المضطرب عقائديًا سيواجه وحدة المسلمين ومقاومتهم مرة أخرى، فانعادت الكرة بعد مرور 94 عامًا لتواجه الناس كيانًا آخر سمي بداعش –وهي صنيعة الغرب- فبرز أبطال العراق المتمثلين بالحشد الشعبي وزعيمهم المرجع الديني السيد علي الحسيني السيستاني (حفظه الله) الذي أفتى بالجهاد الكفائي في الثالث عشر من حزيران سنة 2014 الميلادية، لمحاربة هذه القوى الفاسدة. فنهض العراقيون الشرفاء لمواجهتها، حين احتلت بعض مناطق العراق وأحدثت فيها من الخراب ما أحدثت، فانتظَم الحشد الشعبي وتألق في معاركه مع كيان الخرافة والاستبداد ليتمكن بكياسة قادته وتجاربهم وبسالة جنوده وشجاعتهم من تحرير تلك المناطق العراقية الواحدة تلو الأخرى، والقيام بعمليات قلَّت نظائرها في العالم أجمع، ليكون بذلك الحشد مكملًا للطريق التي اختارها زعماء ثورة العشرين ومدبروها.
إنَّ ما شهدناه من نتائج خلال تلك الأحداث أثبت أنَّ المرجعية كانت وما تزال تسعى في توحيد كلمة العراقيين ولم شملهم.
ـــــــــــ