الجمعة - 29 مارس 2024

التوقيتات الدستورية في تشكيل الكابينة الحكومية

منذ سنتين
الجمعة - 29 مارس 2024


جمعة العطواني *||

بين الزامية التوقيت والالتفاف والتسويف
بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، دخلت العملية السياسية ضمن التوقيتات الدستورية في عملية الشروع باختيار الحكومة الجديدة .
هذه التوقيتات تبدا من المادة (54) التي تنص على 🙁 يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد بمرسوم جمهوري خلال خمسة عشر يوما من تاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات العامة).
وهذا يعني ان اقصى مدة لانعقاد البرلمان الجديد هو يوم 11/ 1/ 2022م .
بعد انعقاد المجلس واداء اليمين الدستوري من قبل اعضاء مجلس النواب يصبح البرلمان رسميا بحكم الدستوري، اذ ان القَسَمَ يعطي الشرعية للنائب في اداء واجباته .
ومن اولى الواجبات هو انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه وفق المادة (55) من الدستور.
لكن كما هو معلوم فان عملية انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه ليست بالعملية السهلة كما يتصور البعض، اذ انها مرتبطة بصفقة من الاتفاقات على الرئاسات الثلاث ، وفق العرف السياسي المعمول به خلال الدورات السابقة .
وبما ان الاتفاق على الرئاسات الثلاث تحتاج مزيد من الحوارات بين الفرقاء السياسين ، على اعتبار ان المسالة لا تتوقف عند الرئاسات فحسب ، بل تتجاوز ذلك الى نواب الرئاسات ، فرئيس البرلمان له نائبان وان البرلمان هو هياة رئاسة ، ورئيس الجمهورية له نائب او اكثر وفق المادة ( 69) ثانيا من الدستور.
لذلك وجدت الزعامات السياسة ( حيلة ) دستورية بابقاء الجلسة الاولى مفتوحة لحين الاتفاق على الرئاسات الثلاث ونواب الرؤساء ايضا.
ولهذا لن يتم الالتزام بالتوقيتات الدستورية بهذا الخصوص، وسوف تستغرق الحكومة القادمة كما سابقاتها اطول وقت ممكن .
اكثر من ذلك فانه بعد التصويت على هياة رئاسة البرلمان ، يفترض ان يصار الى انتخاب رئيس جمهورية، كخطوة دستورية وفق التراتبية القانونية ، لكي يكلف الرئيس الجديد مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددا لتشكيل كابينته الحكومية ، لكن لا يوجد نص صريح في الدستور يحدد المدة الزمنية التي تلزم مجلس النواب في انتخاب الرئيس.
نعم المادة (75)رابعا من الدستور تنص على ( في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية يحل رئيس مجلس النواب محل رئيس الجمهورية في حالة عدم وجود نائب له ، على ان يتم انتخاب رئيس جديد خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما من تاريخ الخلو وفقا لاحكام هذا الدستور).
فيمكن ان نستشف من روح هذه المادة ان منصب رئيس الجمهورية في حالة ( خلو) ، ولا يوجد نائب للرئيس ايضا ، وبما ان المادة تلزم مجلس النواب بانتخاب رئيس جديد خلال مدة ثلاثين يوما ، فلابد من انتخاب رئيس جديد خلال ثلاثين يوما من تاريخ انعقاد الجلسة الاولى للمجلس. لكن بما انه لا يوجد موعد محدد لانتخاب هياة رئاسة للبرلمان ، يبقى موعد انتخاب رئيس الجمهورية خلال ثلاثين يوما من انتخاب هياة الرئاسة .
بعد انتخاب رئيس الجمهورية يقوم الرئيس بتكليف مرشح الكتلة الاكبر لتشكيل كابينته الحكومية .
وهناك توقيتات دستورية على رئيس الجمهورية مراعاتها، وهي انه يجب ان يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة الاكبر بعد انتخابه بمدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب الرئيس وفق المادة (76) من الدستور.
المرشح لرئاسة الوزراء له مدة دستورية لا تتجاوز الشهر لتسمية اعضاء وزارته من تاريخ التكليف.
لكن تبقى اشكالية دستورية لم تحسم لحد الان، وهي المادة (76) ثالثا والتي تنص على ( يكلف رئيس الجمهورية مرشحا جديدا لرئاسة مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما عند اخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الوزارة خلال المدة المنصوص عليها في البند ( ثانيا) من هذه المادة .
والاشكال الدستوري يكمن في ( هل ان رئيس الجمهورية يكلف مرشحا جديدا من الكتلة الاكبر ام انه يختار مرشحا جديدا دون العودة الى الكتلة الاكبر)؟
الفقرة ثالثا من المدة (76) مطلقة .
هذا هو سيناريو السباق المارثوني خلال الايام والشهور المقبلة لتشكيل الحكومة الجديدة .

*مركز افق للدراسات والتحليل السياسي