التصريح الناري لوزير المالية
د بلال الخليفة ||
قبل أيام وفي الملتقى الوزاري الذي أقامته وزارة النفط، صرح وزير المالية بتصريح ناري وهو قريب من التحقق وهو ان الحكومة من الممكن ان تتخلى عن بعض الموظفين بعد عشر أعوام ان استمر الوضع على ما هو علية الان.
الكلام فيه عدة نقاط من الممكن ان يتم توضيحها
أولا : النقاط التي تكون بجانب صحة التصريح
1 – ان العالم ماضي وبوتيرة عالية باتجاه الطاقة النظيفة والمستدامة او الخضراء وغيرها من التسميات والتي تعني هجرة الوقود الاحفوري، ونحن نعلم ان 95 % من إيرادات الوازنة العامة الاتحادية هي إيرادات نفطية وبالتالي ان الطلب على الطاقة سيتقلص وخصوصا بعد مقررات قمة المناخ الأخيرة في كلاسكو 2021 وهي قمة COP26 التي كان أحد قراراتها ان تكون الدول الكبرى قد غادرت السيارات التي تعمل بالوقود الاحفوري.
2 – ان حجم التخصيصات التي تكون للمتقاعدين وحسب تصريحات الوزير انها ستصل الى 25 تريليون دينار وانت حجم التخصيصات لرواتب الموظفين تصل الى 70 تريليون وبالتالي ان 75 % من الموازنة او اكثر تذهب الى الموازنة التشغيلية وبالتالي وهذا يعني ان الاقتصاد ذاهب الى العجز بعد عدة أعوام.
3 – ان النمو السكاني هو 3 % وان التعداد السكاني التقريبي الان هو بحدود 40 مليون نسمة وبالتالي ان السكان سيكون عددهم بعد 10 سنوات هو 62 مليون نسمة، فان الإيرادات حتما لن تكون كافية لسد الرواتب او الموازنة التشغيلية مالم يتم اتخاذ خطوات حل من الان.
ثانيا: اما القرائن التي تكون على النقيض من التصريح
1 – ان قمة كلاسكو 2021 وتصريحها بان وسائل النقل بعد عام 2030 في الدول الصناعية يجب ان تكون عاملة بالكهرباء ومنع السيارات التي تعمل بالوقود الاحفوري، هذا لا يقلل من استهلاك البترول في العالم لان السيارات في بقية العالم في تصاعد مستمر.
2 – ان معامل البتروكيمياويات وغيرها التي تعتمد على الوقود الاحفوري في تزايد مستمر وحتى ان احد تلك المنشئات هو لاستخراج الهيدروجين من الغاز الطبيعي او البترول لاستخدامه في وسائل النقل، وبالتالي ان الإنتاج سيستمر وبنفس الوتيرة ان لم يتصاعد.
3 – ان أوبك تتوقع ان يرتفع انتاجها من البترول خلال الأعوام القادمة الى 100 مليون برميل يوميا وهو الان في حدود 72 مليون برميل يوميا.
4 – ان الوقود الاحفوري في تناقص وخلال العشر أعوام القادمة ان العديد من الدول المنتجة للبترول ستعلن نفاذ حقولها من النفط او الغاز وكما ان العديد من الحقول النفطية العراقية أيضا انها ستفقد انتاجيتها النفطية. وهذا يعني ان المعروض من النفط الخام سيقل وبالتالي ان الطلب سيزداد او سيستمر بنفس الوتيرة وهذا يعني ان السعر سيرتفع كثيرا بعد عشر أعوام وقد يتجاوز 200 دولار للبرميل الواحد.
5 – ان البديل عن البترول الاحفوري هو البترول الصخري وهو ذو كلف عالية جدا قد يتجاوز 75 دولار وبالتالي ان مستقبل سعر البرميل سيكون مرتفع كي يخدم المنتجين.
5 – ان العراق والشرق الأوسط يمتلك احتياط كبير جدا قريبا من نصف احتياط العالم وبالتالي ان البرميل الأخير سيخرج من منطقة الشرق الأوسط وبالتالي ان العراق والمنطقة سيبقى يمتلك إيرادات نفطية لاخر برميل ينتج.
6 – ان العراق يحتل المرتبة الثانية بعد الكويت في اقل كلفة استخراجية لبرميل النفط، لذلك حتى وان قلت الأسعار (وهذا مستبعد ) بعد انخفاض الطلب العالمي، فن انتاج العراق من النفط سيبقى انتاج مجدي ومربح للعراق.
ثالثا: مؤشرات التصريح
1 – ان الحكومات السابقة أوصلت الوضع الاقتصادي الى قعر مستنقع يصعب الخروج منه. فقد فشلت في بناء اقتصاد ذو إيرادات مستدامة وكذلك يمتاز بالتنوع في ايراداته للموازنة العامة الاتحادية لا ان يعتمد على النفط فقط. وبالتالي ان السبب في هذا الوضع الاقتصادي البائس هو الحكومات العراقية التي تسلطت على العراق.
2 – التصريح فيه نظرة سوداوية للمستقبل بان الحكومة الحالة والحكومات القادمة، سوف تنتهج بنفس نهج الحكومات السابقة وبذلك ان الاقتصاد بعد عشر أعوام سينهار وبالتالي ستضطر الحكومة لتسريح الموظفين لديمومة الحكومة والبقاء على رواتب الفاسدين.
3- ان الورقة البيضاء قد فشلت في تقديم أي شيء بعد مضي أكثر من عام على تبنيها.
4 – في التصريح ، تنبيه للحكومات القادمة بان الإفلاس والانهيار الاقتصادي قادم لا محالة وبالتالي يجب اخذ الاحتياط من ذلك.
5 – التصريح فيه تنبيه للمواطن بان يعي حجم المشكلة الاقتصادية وان السبب هو الحكومة التي ينتخبها المواطن والمسؤولين الذين يوالونهم.
6 – قد تضطر الحكومة (وهذا محتمل جدا) ان ترفع من قيمة الدولار امام الدينار العراقي مرة أخرى لحل العجز الحكومي في دفع رواتب الموظفين مستقبلا وبالتالي سيرتفع التضخم وبشكل كبير جدا.
رابعا: الخلاصة
1 – ان تصريح السيد وزير المالية هو واقع حقيقي سيشهده العراق عما قريب، ان بقى الوضع كما هو، وحتما سيبقى، فان لم يكن بعد عشر سنوات فانه سيحدث بعد عشرين سنه وذلك بسبب الفساد الإداري والمالي والمحاصصة التي تنتج وزراء ومدراء ووكلاء غير كفؤين مجرد انهم انتموا لأحزاب مسكت بالسلطة.
2 – يجب اخذ التصريح على محمل الجد والعمل من الان بإيجاد بدائل لتمويل الموازنة العامة الاتحادية بديلا عن النفط الخام وكذلك في انتاج الطاقة الكهربائية عن طريق الطاقة المستجدة والنظيفة والمستدامة
3 – يجب وضع خطط خمسية وعشرية وعدم اصدار قرارات تكون خلاف تلك الخطط وكما حصل مع الورقة الإصلاحية البيضاء التي تعرضت لعديد من القرارات والممارسات التي تخالف توصياتها.