الاثنين - 14 اكتوبر 2024
منذ 3 سنوات
الاثنين - 14 اكتوبر 2024


حسن الربيعي *||

الأمة التي تدأب على إحياء ذكرى شهدائها، وتنقش وجودهم في ذاكرتها، أمة حية، وخالدة بحياة شهدائها الذين قدموا أرواحهم ودمائهم الطاهرة قرباناً لكرامة الأمة وحياتها ووجودها، فكانوا أحياء عند ربهم يرزقون، ويخلدون الأمة ويبعثون الأمل بين أبنائها، ويصنعون مجدها، وما عاشت أمة وخلّدت من دون الشهداء، وخير شاهد ودليل هو حضور سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام في روح الأمة وضميرها، ودوره في إحياء وجودها، والفئة التي تمسكت بنهجه عليه السلام هي الفاعلة على الدوام والقادرة على النهوض والوقوف بوجه الاستكبار في كل زمان ومكان، لأنها تعيش ثقافة الشهادة وحبها، وعشق الفداء والتضحية، ولا ترضى بالذلّة والخضوع.
وكربلاء عصرنا توسعت مساحتها، وتكثر رجالها ونساؤها، وأضحت تتمثل بمحور عابر للحدود السياسية المصطنعة، وقادر على استيعاب المزيد من أبناء الأمة، وتوحّد هذا المحور في وجوده، ليصبح قوة فاعلة ومؤثرة في ميزان القوى العالمي، ومواجهته الاستكبار وتعطيل مشاريعه التخريبية، ولولا وجوده وتأثيره، لتمكن الشيطان الأكبر، وشمر هذا الزمان أمريكا وأعوانها، من تصفية القضية الفلسطينية، وتقسيم العديد من البلدان، وإخضاعها، خصوصا منطقة غرب آسيا. وعندما أدرك العدو خطورة هذا المحور وأهمية قادته وأبنائه، حاول أن يضرب أهم مرتكزاته ونقاط قوته ومبعث حيويته، ليُحدث انتكاسة لمسيرته، وانكسارة لخط تصاعده، فتجرأ على ارتكاب جريمة العصر باغتياله لقادة النصر، الشهيد القائد قاسم سليماني (الشخصية المقاومة الدولية) كما وصفه سماحة السيد القائد الخامنئي رعاه الله، ومجاهد الإسلام الكبير أبو مهدي المهندس (رضوان الله عليهما)، صحيح إن فقدان هذين القائدين العزيزين مرير؛ ولكن استمرار الجهاد لتحقيق النصر النهائي سوف يكون أشد مرارة على القتلة المجرمين، وستصنع هذه التضحية مجداً جديداً، وتعلّي شأن الشهداء والأمة معاً، لتبدأ مرحلة جديدة، هي مرحلة أفول أمريكا ونهاية عصرها وتفردها بقيادة العالم، وسوف لن تتوقف مسيرة الشهداء القادة وهم بعين الله، بل سيتحول نهجهم الى مدرسة ينهل منها المخلصين الشرفاء العزيمة والثبات، بالبصيرة والصبر، وتستمر كربلاء ويستمر العطاء الى أن يشاء الله بظهور صاحب العصر والزمان الإمام المهدي عليه السلام.

* مدير مركز تاج الحضارة الثقافي