الإسلام بين الاستشراق والاستغراب
سامي جواد كاظم ||
دراسات وابحاث ومؤلفات تخصصت في دراسة الاستشراق قبل الاستغراب ولكن عند ما تحيد هذه المفاهيم عن ماهيتها وتصبح غطاء لخفايا بنوايا سيئة هنا يجب ان يكون الضليع في هذه المفاهيم ضليعا في في غاياتها.
لا باس عندما يكون الباحث من الغرب لدراسة ثقافة الشرق والاهم في ثقافة الشرق هو التراث الاسلامي ونفائسه المخطوطة ، فالغربي الذي يدرس مخطوطات الاسلام القديمة يسمى مستشرق والمسلم او العربي الذي يدرس مخطوطات الاسلام يسمى محقق الاول يمكن ان يكون سيء المقاصد اما الثاني فلا يمكن ان يكون كذلك ، ولكن لو عدنا الى تاريخ الاستشراق وما تمخض عنه من نتائج سلبية على الاسلام اكثر من الايجابية هنا يحتم علينا الدقة في القراءة ، وحقيقة يستحق الكعب المعلى ورفع القبعة الدكتور ادوارد سعيد في قراءته للاستشراق وحل الغازه وكشف خفاياها ليعلنها صراحة انه اي الاستشراق يستهدف الاسلام وحالما اعلن ذلك بدات سهام المستشرقين ذوي النوايا السيئة تصوب باتجاه سعيد ولو كان رايه غير صحيح لكان بامكانهم الرد بادب ، ومن بين الذين يقال عنه مستشرق هو ليون فانتاني مثلا يؤلف كتابا عنوانه “المصيبة الإسلامية” يتساءل فيه عن سر دخول الشعوب النصرانية الى الإسلام وذاك مكسيم رودنسون يؤلف كتابا اخر عنونه بـ “جاذبية الإسلام”. هذه الطائفة من المستشرقين كان هدفهم ولا يزال هو: اعتبار الإسلام دين يجب محاربته لأنه يشكل عقبة أمام انتشار حضارتهم.
ولان ظاهرا الاستشراق حركة ثقافية ظهر امامها الاستغراب وبدا اصحاب الشان تعريف الاستغراب وعلم الاستغراب والاغتراب ولكن كما ذكرت المصادر ان الدكتور حسن حنفي هو اول من تحدث او اسس علم الاستغراب ، ويرى حنفي أن علم الاستغراب ضرورة ملحة في عصر الثورة المضادة، بعد أن عاد الغرب بهجمته الاستعمارية الثانية، بعد هجمته الأولى إثر حركات التحرر الوطني، وهنا طرح المفكر الراحل سؤالاً: لماذا نجحت حركات التحرر الوطني في التخلص من الاستعمار العسكري، ثم تم إجهاض نتائجها في الاستقلال الوطني اقتصادياً وسياسياً وثقافياً وحضارياً؟
وأكد في كتابه أن مهمة علم الاستغراب رد ثقافة الغرب إلى حدوده الطبيعية بعد أن انتشر خارج حدوده إبان عنفوانه الاستعماري، من خلال سيطرته على أجهزة الإعلام ووكالات الأنباء والاستخبارات. ومهما يكن تعريفه فالغاية هي المفروض ان يقوم الباحثون الشرقيون بدراسة علوم وحضارة الغرب على غرار الاستشراق ، ولان الغرب فارغ من هذا التراث اصبح الاستغراب تقليد الغرب في الملبس والماكل ومستحدثات ثقافتهم ، وتبقى الغاية هي ضرب الدين الاسلامي .
وحتى ياخذ الاستغراب تاثيره المطلوب في الشعوب الشرقية ( عربيا بالخصوص واسلاميا بالعموم ) ظهر لنا بوجه اخر تحت اسم العولمة ، فحقيقة العولمة حسب قراءتي هي اللقمة المفضلة لافواه من يرغب بعلم الاستغراب ،فالغاية ليست معرفة ثقافة بقدر تفشي ثقافة سلبية لتقضي على موروثنا التاريخي الاسلامي وهذا ايضا اكده الدكتور حنفي، وبسبب هذه النوايا السيئة اصبحت المفاهيم عدائية بين الاستشراق والاستغراب، والاسوء من ذلك ان المسلمين لا يستطيعون اتباع نفس اساليب بعض المستشرقين سييء النوايا في ضرب الغرب لان اصلا الغرب ليس له تراث يضاهي تراث الاسلام والمسلمون لا يتبعون سياسة الغدر في تعاملهم مع الاخر
هنالك جنود باعداد كبيرة دخلت البلاد الاسلامية مع قوى الاستعمار بداية القرن العشرين تحت غطاء الاستشراق بينما مهمتها الاصلية هي مصادرة تراث الاسلام ( اثار ومخطوطات) ونقلها الى من جندهم لذلك ، وبالفعل الى يومنا هذا نجد كثير من تراثنا المنهوب في متاحف الغرب .
هنالك اسلوب ثعلبي بدا ياخذ حيزه في الثقافة الاسلامية عبر المواقع الاعلامية الالكترونية ، وهي بحجة دراسة تاريخ الاسلام يقومون باثارة المفاهيم التي تقبل عدة تفاسير لتثير الفتنة ، هذا من جانب وجانب اخر ان العجب العجاب ان هؤلاء المستشرقين بداوا يؤلفون كتبا عن تاريخ الاسلام والمذاهب واصبحت هي المصدر اكثر من مصادرنا الموثقة ولنقل على اقل تقدير انها اثارت الجدل في بعض محطات التاريخ المتفق عليه من قبل كل المسلمين مثلا ان الذبيح هو اسحاق وليس اسماعيل .
الكاتب المستشرق برنابي روجرسون يؤلف كتابا بعنوان “ورثة محمد جذور الخلاف السني الشيعي”، رودولف شتروتمان يؤلف كتابا بعنوان ” الشيعة الاثنا عشرية في زمن المغول” وهذا على سبيل المثال وليس الحصر.
الامر المهم الذي اثاره مثقفو الشرق ان في امريكا وبلدان الغرب مراكز بحثية ودراسية خاصة عن ثقافة الشرق، بينما لا يوجد في الشرق مثلها خاصة عن ثقافة الغرب وكشف السيء عن الحسن فيها .
ملخص المقال الاستشراق والاستغراب في كثير من نتاجاتهما وليس كلها وجهان لعملة واحدة هي عملة العداء للاسلام ، والحق يقال هنالك الكثير منهم ممن انصف الاسلام في كتاباته
ــــــــــ