الأحد - 06 اكتوبر 2024
منذ 3 سنوات
الأحد - 06 اكتوبر 2024


عباس العنبوري ||

في العام ١٩٩٤ تسلم عدي صدام حسين مدرسة كلية بغداد للمتميزين بعنوان المشرف على المدرسة. كان اشرافه على المدرسة في اطار حركته الواسعة في تسعينيات القرن الماضي للهيمنة على مفاصل الاعلام والثقافة والرياضة والشباب. وهي المرحلة التي ترأس فيها اللجنة الاولمبية واتحاد كرة القدم واطلق فيها قناة الشباب التلفزيونية واصدر جريدتي بابل ونبض الشباب والبعث الرياضي، والتي كانت مليئة بمقالات ناقدة للسلطة ما خلا (القائد الضرورة) بالتأكيد. وخلال اشرافه على كلية بغداد قام بتغيير ادارتها. فعين الدكتور موفق السمعاني عميداً للكلية والاستاذ فريد (ولا اذكر اسم أبيه او لقبه) معاوناً لشؤون الطلبة. وقد كان صارماً حد الرعب، وحازماً يخافه الطلبة بشكل لا يصدق.
كنت في حينها في السادس العلمي، ولم تشملني الكثير من التغييرات التي طالت بعض الطلبة الذين أخرجوا من المدرسة بدعوى وجود مؤشرات امنية وهم بعد لم يكملوا سن الثامنة عشر!
كما شملت التغييرات اضافة مادة اسبوعية بعنوان (فكر القائد) كان يلقيها علينا عميد كلية العلوم السياسية في جامعة صدام ولا اذكر اسمه ايضاً، واذكر انه (سامرائي).
زار (عدي) المدرسة في بواكير اشرافه عليها، كنا في حينها في البناية الواقعة على يمين الداخل الى المدرسة. واستاذنا المرحوم (سمير عزيز) تغمده الله بوافر الرحمه وجزاه الله عنا كل خير، يلقي علينا درسه في الفيزياء. قفز بعض الطلبة الى شباك الصف ليشاهدوا (عدي) وهو يمر في الساحة الوسطية للمدرسة محاطاً بحمايته ومرافقيه. حاول (سمير عزيز) تهدئة الجلبة التي حصلت في قاعة الدرس دون جدوى. ولم تنته الجلبة الى بعد تواري (عدي) عن الانظار. استأنف المرحوم (سمير عزيز) كلامه قائلاً: آني مدرس (استاذ) عدي عندما كان طالباً.
فعلق احد الطلبة الخبثاء والمعروف بمشاكساته مع المدرسين: انت كنت تناديه (استاذ) عدي عندما كان طالباً عندك؟!
احمر وجه المرحوم (سمير عزيز) ولم يعرف له جواباً. ولكنه استجمع شجاعته فقال: انت تريد تسوي مشاكل. ثم عاد لإلقاء درسه من جديد.
تذكرت هذه الحادثة وانا اقرأ كتاب الباحث والروائي (زهير الجزائري)Zuhair Aljezairy “المستبد: صناعة قائد .. صناعة شعب”، عندما يعرج على لقب (الاستاذ) الذي منحه مجلس قيادة الثورة الى عدي صدام، بل وفرضه في كل الخطابات الرسمية التي توجه الى (عدي) وهو بعد لم يكمل ال(٢٦) من عمره، و بعدما كان هذا اللقب يطلق على (ميشيل عفلق) مؤسس الحزب!
من هناك بدأت ثقافة الالقاب الجاهزة والتي تمنحها قرارات السلطة بدلاً من ان تكون استحقاقات الحال!